عدة جوانب من الآية ، فتحدثوا عن اليهود الذين اتبعوا السحر ، هل هم الذين كانوا على عهد سليمان ، أم غيرهم؟ وتحدثوا عن كلمة «تتلو» هل هي بمعنى تقرأ أم تكذب أم تتبع؟ وعن كلمة «على ملك سليمان» هل هي في عهده أم في ملكه نفسه؟ وعن «وما أنزل على الملكين» هل هو متعلق بكلمة «واتبعوا» أم بكلمة : «يعلّمون الناس السحر» ليكون معطوفا على السحر؟ وعن شخصية هاروت وماروت ، هل هما ملكان أم شيطانان أم آدميان؟ وغير ذلك من الأبحاث ...
وإننا لا نجد مجالا مفيدا للإفاضة في ذلك في ما سيقت له الآية ، لأن البحث عن شخصية اليهود أو شخصية الملكين لا يجدينا شيئا ما دامت القضية في الآية واردة في سياق إعطاء الصورة للسلوك اليهودي كطابع عام يطبع الشخصية التاريخية والمعاصرة ، أمّا الملكان ، فإن المقصود من حديثهما هو اعتبارهما مصدرين خيّرين ، أو غير شريرين على الأقل ، من دون دخل لشخصيتهما في الموضوع. وقد لا نريد أن نلغي أهمية معرفة ذلك في بعض الجوانب الأخرى التي تتصل بعصمة الملائكة وطبيعتهم من ناحية فكرية مجردة ، ولكن مثل هذه المعرفة لا تمثل شيئا كبيرا في الطبيعة العامة للعقيدة.
أمّا كلمة «تتلو» ، فالظاهر بقرينة المقام ، أنها كناية عن النسبة الكاذبة ، إذ لا معنى للقراءة المجردة في هذا المجال ، كما أن معنى الاتباع لا ينسجم مع كلمة «واتبعوا» ؛ أما كلمة «وما أنزل» فهي معطوفة ـ ظاهرا ـ على كلمة «ما تتلو» ، لأن ذلك أقرب إلى الانسجام مع طبيعة الآية ، لأن ما أنزل على الملكين ليس شيئا آخر غير السحر ، ليكون معطوفا على الكلمة نفسها.
* * *