من مواقف عملية في السرّ والعلن ، مما يدخل في عداد المخططات التي تعد ضد تقدم المسلمين وتطورهم وامتدادهم في الآفاق الواسعة الصاعدة في الحياة ، وبذلك نستطيع الوصول إلى النتائج الملموسة التي توضح لنا كيف يشعر الآخرون بالخطورة من قوّة الإسلام والمسلمين ، لما في ذلك من انعكاسات خطيرة على موقعهم الفكري والسياسي وعلى النطاق الحضاري بشكل عام ، تماما كما هي الحال في الكفار القدامى من المشركين وأهل الكتاب الذين كانوا يخافون من قوّة النبي محمدصلىاللهعليهوآله وتعاظم الإسلام ، على امتيازاتهم الذاتية والطبقية ومواقعهم الفكرية.
وفي هذا الجو ، نشعر بالحاجة إلى الحذر الإيجابي الواعي إزاء كل الأساليب المتنوّعة المغلّفة بغلافات ناعمة من اللطف والرقة والعاطفة ، الملوّنة بألوان من الحضارة والتقدم والتنمية والتطوير ... وما إلى ذلك من الأساليب التي يريد الآخرون من المستعمرين والكافرين ، بشكل عام ، أن ينفذوا منها إلى حياة الأمة ، ليدمروا قيمها الروحية من الداخل ، وليسيطروا على مقدّراتها المادية والمعنوية كسبيل من سبل إضعاف كل طاقاتها الحضارية التي تتحرك من أجل صنع حضارة إسلامية جديدة في المستقبل ، كما صنعت حضارة الإنسان في الماضي البعيد.
ومن النقاط المهمة التي ينبغي التركيز عليها في هذا المجال ، هي أن الحذر لا يعني السلبية التي تبعدنا عن الارتباط بالعالم من حولنا ، بل يعني اليقظة والوعي والمراقبة لكل الأساليب والأوضاع والتحركات المحيطة بنا ، بعين يقظة نفّاذة ناقدة ، وبروح واعية لا تعيش بساطة الفكر وسذاجته في عالم لا يتعامل مع الحياة إلا من خلال التعقيد ، ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نعيش عفويّة الروح وبساطتها في جوّ يحقق للإنسان معنى إنسانيته في رحاب الله.