وهكذا ، ولذلك كانت الآية تقبل الشدّة والضعف ، قال الله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) [النجم : ١٨].
ومن جهة أخرى ، ربما كانت الآية ذات جهة واحدة ، وربما كانت ذات جهات كثيرة ، ونسخها وإزالتها كما يتصور بجهته الواحدة كإهلاكها كذلك يتصور ببعض جهاتها دون بعض إذا كانت ذات جهات كثيرة ، كالآية من القرآن تنسخ من حيث حكمها الشرعي وتبقى من حيث بلاغتها وإعجازها ونحو ذلك.
وهذا الذي استظهرناه من عموم معنى النسخ هو الذي يفيده عموم التعليل المستفاد من قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١).
وهذا المعنى طريف في ذاته ، ولكن إرادته من هذه الآية غير ظاهر ، لأنها واردة في الأشياء التي هي في معرض النسخ والإزالة مما يتعلق بحياة الناس ، بالمستوى الذي يثير الجدل فيما بينهم ، كما جاء الحديث به عن اليهود في حركة التشريع ، أو في تأكيد قدرة الله في خلقه بحيث لا تجري الحياة على شكل واحد ، بل يمكن أن تتغير وتتبدل لتتحرك ظاهرة في مرحلة معينة لتحل محلها ظاهرة أخرى مماثلة لها أو أفضل منها انطلاقا من قدرة الله.
وقد لا نجد مناسبة للتعبير عن الأشخاص بالآية من خلال نشاطهم ودعوتهم أو الحديث عنهم بعنوان النسخ ونحوه.
إنها ـ والله العالم ـ إشارة إلى ما يكون في معرض الثبات والاستمرار ، ليكون النسخ مفاجئا للناس ، فيحتاج إلى إزالة مضمون المفاجأة من أذهانهم ، لأن الله الذي يملك القدرة على الإيجاد قادر على التبديل ، ولا دلالة في
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٢٤٧.