تفوّق ذاتي في نفسه ، أو أية علاقة بالله تميزه عن العلاقة بالآخر من حيث طبيعة الخلق. فما حاجة الله إلى الولد ، وهو مالك السماوات والأرض وما فيهما من مخلوقات ، ولكلّ من هذه المخلوقات خصائص وميزات ، ولكنها لا تخرج بذلك عن مملوكيتها ومخلوقيتها لله ، من دون أن يكون أحد منها أقرب من الآخر من حيث جهة الملك أو الخلق ، أو يكون انتسابها إلى الله بمستوى أعلى من الآخر ، وأضاف إلى ذلك أنه : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ومنشئها من خلال إرادته التي لا تختلف في كل شيء يريده ، من دون حاجة إلى توسط شيء بين الإرادة والمراد ، فإذا أراد شيئا خلقه.
(وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) قول الإرادة لا قول الكلمة ، على هدى
ما جاء في دعاء الإمام زين العابدين عليهالسلام في الصحيفة السجادية : «فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون نهيك منزجرة».
وقد جاء المفسرون ليناقشوا الوجه في تفسير قوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وذلك من منطلق القاعدة الفلسفية التي تمنع من مخاطبة المعدوم ؛ فكيف يخاطب الله الشيء قبل وجوده ليطلب منه أن يوجد؟! فقال بعضهم : إنه بمنزلة التمثيل ؛ وقال بعض آخر : إنه رمز بين الله وبين الملائكة في الدلالة على أن هناك شيئا جديدا قد خلق ؛ وقال آخرون : إن المعدوم لمّا كان معلوما عند الله صار كالموجود.
والذي يبدو لنا ، أنّ إثارة هذه المشكلة في وعي هؤلاء ينطلق من محاولة تفسير القرآن في كلماته ، تفسيرا حرفيا يستنطق الكلمة من خلال معناها اللغوي من دون ملاحظة للجانب البلاغي الذي تتّسع له اللغة العربية في مرونتها التعبيرية التي تشتمل على الحقيقة والمجاز والكناية ، وهذا ما درج عليه القرآن الكريم في توضيح الصورة للناس بطريقة الحوار ، لأنها أقرب الوسائل في الإيضاح ، كما ورد في قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا