على رضاهم ، كما يلهث الضعفاء في الحصول على رضى الأقوياء للحصول على الحماية والمكاسب والحاجات الصغيرة في الحياة.
وتلك هي النتيجة التي حذّر منها القرآن في أسلوبه الحاسم في خطابه للنبي محمدصلىاللهعليهوآله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) ، إن عليك ـ يا محمد ـ أن لا تجعل هدفك في مسيرتك هو الحصول على رضاهم ، لأن القضية ليست قضية خصومة شخصية طارئة ليمكنك الوصول إلى تبديل حالة الخصومة بحالة الصداقة من خلال بعض التنازلات الشخصية ، بل هي قضية اعتبار هؤلاء أنهم على الحق وأنك على الباطل ، مما يجعل من تقديم التنازلات تشجيعا لهم على موقفهم وإغراء لهم بالثبات على عقيدتهم ، ليجرّوك إلى مواقع جديدة من التنازلات ، وهكذا ، لارتباط الحصول على رضاهم بالوصول إلى التنازل الأخير وهو اتباع ملتهم ، فذلك هو السبيل الوحيد لربح ثقتهم بك ...
ثم يثير الله القضية من قاعدة المبدأ الذي لا يحتمل مساومة أو مجاملة أو تنازلا (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) وهي الصراحة في الإعلان عن الحق والهدى والإيحاء إلى الآخرين بأنه لا مجال لطريق غير طريق الله ، ولهدى غير هدى الله الذي يجب أن يتبع وحده ، ليعرفوا أن الموقف حاسم لا مجال فيه للتراجع وللتنازل ، مهما كلف ذلك من خصومات ومن عداء ومن انفصال في العلاقات العامة والخاصة.
ثم يتصاعد الأسلوب قوّة وشدة ، ليخاطب الأمة من خلال النبي بأسلوب القسوة الذي يوحي بالحسم في ما لو استسلم لنقاط الضعف النفسية ، (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) فانجذبت إلى جوّ الإغراء العاطفي الذي يثيرونه في نفسك ، وسرت معهم في ما يريدونه (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بأنك على الحق وأنهم على الباطل ، (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) وإذا فقد الإنسان رعاية الله ونصرته