الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة : ٤٤ ـ ٤٧].
أمّا هذه الآية ، فقد عالجت قضية من أخطر القضايا التي قد تواجه العاملين في سبيل الله في علاقتهم بالكافرين والمنافقين والفاسقين ، فقد يستسلم العاملون لحالة نفسية طاهرة يعيشون فيها الأمل الكبير بهداية هؤلاء المعادين للإسلام من خلال الأساليب التي يتبعونها إزاء المسلمين في ما يقدمونه من تبريرات ، وفي ما يثيرونه من انفعالات وعواطف ، وفي ما يوحون به من أفكار حميمة توحي بقربهم إلى الحق ، وذلك من خلال بعض المواقف التي يتقدمون بها في بعض مراحل الطريق ، مما يخلق انطباعا بأنهم يتقدمون إلى الحق ، وقد تخلق هذه الحالة حالة أخرى ، وهي الرغبة في إرضاء هؤلاء ببعض الكلمات والمواقف طمعا في الحصول على صداقتهم أو رضاهم ، مما يستدعي من المسلمين تقديم تنازلات فكرية أو عملية في حالات معينة.
وقد وقع الكثيرون من العاملين في هذا الشرك الشيطاني الذي ينصبه أعداء الله ، فاستطاعوا أن يجروهم إلى تقديم بعض التنازلات على حساب سلامة الإسلام في عقيدته وشريعته ومواقعه ، مما أعطاهم ـ في نظر البسطاء من المسلمين ـ صفة الشرعية لمبادئهم ، وأغراهم ـ بالتالي ـ بالمطالبة بتنازلات جديدة تبعا لحاجة الظروف الموضوعية لذلك ، وكانت النتيجة هي إعطاء أعداء الدين فرصة للتقدم وللحصول على الشرعية ، وخسارة المسلمين لكثير من المواقع الفكرية والعملية ، من خلال الفكرة التي أوحت بها هذه التنازلات ، وهي أن من الممكن للمسلم المحافظة على إسلامه ، مع التنازل عن بعض جوانب عقيدته وشريعته. وما زال الأعداء يساومون ، وما زال الكثيرون منا يقدمون التنازلات ، ليحصلوا على رضاهم من أجل الحصول على هدايتهم ، ثم تحوّلت القضية إلى الهزيمة النفسية التي عاشها المسلمون ، من خلال الهزيمة الفكرية والسياسية والعسكرية ، مما جعلنا نلهث في سبيل الحصول