الرأس من الجسد ، ولا جسد لمن لا رأس له ، ولا إيمان لمن لا صبر له» (١).
أما الصلاة ، فهي معراج المؤمن إلى ربّه ، تعرج فيها روحه وضميره وقلبه وفكره ... فتلتقي بالله في لحظات ابتهال وانفتاح ، وتتصل بالمعاني الكبيرة الممتدة في رحاب الله. إن الإنسان إذا اتصل قلبه بالله انفتحت روحه على أخلاقه العظيمة التي أرادنا أن نتخلّق بها في الحياة ؛ ومتى تحقّق للإنسان هذا الانفتاح ، وعاش في هذه الأجواء الفسيحة ، انخفض عنده مستوى الاهتمام بالقضايا الصغيرة ، وعندها لن تثير في نفسه أيّ شيء مما اعتاد الناس أن يستثيروا به وجدانهم وحياتهم.
وفي ضوء ذلك ، نستوحي أجواء الآية التي تتجه إلى المنحرفين عن الخط من اليهود وغيرهم لتقول لهم : إن مشكلتكم تتحدد في نقطتين أساسيتين من نقاط الضعف ، فأنتم تنسون الله من جهة ، وتضعفون أمام الضغوط والإغراءات من جهة أخرى ، فإذا نسيتم الله استسلمتم للشيطان وفقدتم الأجواء الروحية التي توحي لكم بالخير والانفتاح على القضايا الكبيرة في الحياة ، وتحوّلت الحياة لديكم إلى اهتمامات صغيرة محدودة تلاحق الصغائر التي تثير العداوة والبغضاء ، وتبعث على الخصومة والنزاع ... وإذا ضعفتم أمام الإغراء والضغط الداخلي والخارجي ، تركتم قيمكم وراء ظهوركم ؛ فإذا هاجمتكم حبائل الشيطان ومكائده وعوامل الإغراء ونوازعه ، فاستعينوا بالصبر لتحصلوا من خلاله على الإرادة القوية التي تثبت أقدامكم في الأرض ، فتستقيم لكم قضاياكم ومبادئكم وأخلاقكم في خط الإيمان ، وإذا نسيتم الله ، فاستعينوا بالصلاة ، لترتفعوا بروحكم إليه ، فتعيشوا في أجوائه وتسبحوا في ألطافه ونعمائه.
* * *
__________________
(١) المجلسي ، محمد باقر : بحار الأنوار ، دار إحياء التراث العربي ، ط : ١ ، ١٤١٢ ه / ١٩٩٢ م ، م : ٢٨ ، ج : ٧٩ ، باب : ٦٢ ، ص : ٥٣٩ ، رواية : ٢٢.