يكفي فيها الظن ولا يحتاج فيها إلى اليقين ، لأن الإنسان يتحرك بشكل غريزي إلى دفع الضرر المحتمل أو المظنون عن نفسه ، سواء في ذلك قضايا الدنيا والآخرة ؛ وكأن الآية تريد أن تثير في الإنسان هذا الشعور بالحاجة إلى الانضباط من خلال الطبيعة الوقائية للأشياء إزاء الفكرة المحتملة ، فلا يقف أمامها موقف اللامبالاة ، بحيث لا يفكر في المسؤولية إلا من خلال الحاضر بعيدا عن تطلعات المستقبل وإمكاناته. وربما نستوحي ذلك من بعض أساليب أهل البيت في الحوار مع بعض الزنادقة حول الآخرة : «إن يكن الأمر كما تقول ـ وليس كما تقول ـ نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول ـ وهو كما نقول ـ نجونا وهلكت» (١). يقول الشاعر :
قال المنجم والطبيب كلاهما |
|
لا تحشر الأجساد قلت : إليكما |
إن صح قولكما فلست بخاسر |
|
أو صح قولي فالخسار عليكما |
وقد اتبع القرآن هذا الأسلوب في أكثر من آية ، فعبّر عن المؤمنين بأنهم يرجون لقاء ربهم (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ..) [الكهف : ١١٠].
ومن الطبيعي أن لا يكون هذا الأسلوب مقتصرا على إبقاء القضية في نطاق الاحتمال ليتجه العمل على أساس الاحتياط ، بل هو وارد في اتجاه الإيحاء بالانطلاق منه إلى اليقين ، من خلال إخراج الإنسان من أجواء اللامبالاة إلى أجواء المواجهة المسؤولة للفكر والعمل. وقد جاء في مجمع البيان «أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا أحزنه أمر ، استعان بالصلاة والصوم» (٢) ، باعتبار أن الصوم مظهر للصبر. وجاء في الكافي عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : كان علي عليهالسلام إذا هاله أمر فزع إلى الصلاة ثم تلا هذه
__________________
(١) البحار ، م : ٢ ، ج : ٣ ، باب : ٣ ، ص : ٣٤ ، رواية : ٢٠ ،
(٢) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢١٧.