معهم هو أسلوب التربية العملية التي تعمق ملكة الصبر والخشوع التي تربطهم بالله. أما أسلوب إثارة القضايا الفكرية التي يراد من خلالها تعميق الجانب الفكري من الإيمان ، فقد يعطي عكس النتيجة عند ما يؤدي ذلك إلى إثارة مشاكل جديدة في الإيمان ، مما لم يكن داخلا في الحسبان ؛ ولذلك فلا بد من الانتظار ريثما يقوي المؤمن ارتباطه بالله ، فلا يزلزله عن الخط شيء من شبهة أو مشكلة فكرية.
النقطة الثانية : إننا نستفيد من الآية الثانية التركيز على أسلوب الوعظ الذي يعتمد على التذكير بالآخرة في مجال الحث على العمل ، وإرجاع الإنسان إلى الله ، لأن لدى الإنسان منطقة شعورية ترتبط بالانفعال والعاطفة ولا ترتبط بالفكر المجرد ، فقد لا يكفي في إثارتها الحديث عن حل الإسلام لمشاكل الحياة ، وعن طبيعة الفلسفة التي تشمل مختلف النواحي الكونية ، بل لا بد من ربط ذلك كله بقضية المصير ، وموقف الإنسان من الله ، ومواجهته له في يوم القيامة في لحظات الحساب الشامل الذي يحاسبه فيه على كل ما عمل من خير أو شر ، فإن ذلك يحقق للنفس خشوعها الروحي بين يدي الله كوسيلة من وسائل خشوع حياته لله سبحانه.
إن الدراسة الواعية للأساليب القرآنية في الدعوة ، تهدينا السبيل إلى ملاحظة التركيز العميق في القرآن على هذا الأسلوب ، حيث لا نجد أية مناسبة للوعظ إلا وقد انطلق القرآن في استثارتها ، والإفاضة فيها بمختلف الجوانب الفكرية والعاطفية ، مما يدعونا إلى اعتباره طابعا إسلاميا مميزا في أسلوب الدعوة إلى الله.
* * *