يغير الحق ، لتكون لكم الحرية في الأخذ بما تشاؤون من النعم الموجودة فيها والأكل مما تشتهونه من ثمارها وطيباتها في سعة من العيش الهني.
(وَادْخُلُوا الْبابَ) ، الظاهر أنه باب البلد ، (سُجَّداً) شكرا لله على نعمته في انتصاركم على الجبارين الظالمين الذين يكفرون به ويصدون عن سبيله كل المؤمنين الصالحين ؛ (وَقُولُوا حِطَّةٌ) وابتهلوا إلى الله في اعتراف صادق بالتوبة والندم عن كل التاريخ الخاطئ الذي عشتموه في خطاياكم ، وقولوا ـ في ابتهالاتكم ـ : اللهم حطّ عنا خطايانا ، فإن الله سوف يستجيب لكم ذلك ويغفر لكم خطيئاتكم ، (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) لتتحرروا من ثقل الخطيئة وعقدة الإحساس بالذنب ؛ ولن يقتصر اللطف الإلهي على غفران الخطايا ، بل يمتد إلى الزيادة لكم في أعماركم وأموالكم جزاء لإحسانكم ؛ (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) الذين أحسنوا القول والعمل ، بالإضافة إلى الإحسان في خط العقيدة والإيمان.
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالانحراف عن الخط المستقيم (قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) فاستبدلوا الدعاء بالحط عن الخطايا ، بإعلان الإصرار على التمرد على الله ، والتواضع للحق بالاستكبار عليه ، والاحترام للرسول والرسالة وللرساليين بالسخرية والاستهزاء ، (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) ؛ والظاهر أن المقصود به العذاب ، وقيل : إنه الطاعون (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) لأن العذاب ، دنيويا كان أو أخرويا ، لا ينطلق من فراغ ، بل ينطلق من السبب الواقعي الذي يتمثل في الفسق العملي في حركة الإنسان على صعيد الانحراف.
وفي هذا إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين العمل الشرير المنحرف عن الحق ، وبين النتائج السيئة التي تطال المنحرفين الأشرار من خلال الرابطة العضوية بين السبب والمسبّب ، أو المقدمة والنتيجة في نطاق السنن الإلهية