مشتق من الأصل العبري (ص ب أ) أي غطس ثم أسقطت الغين ، وهو يدل بلا ريب على المعمدانيين ، أولئك الذين يمارسون شعائر التعميد أو الغطاس ، وربما كان الصابئون الوثنيون الذين لم يعرفوا هذه الشعائر على الإطلاق ، قد اصطنعوا هذا الاسم من قبيل الحيطة مبتغين أن ينعموا بالسماحة التي أظهرها القرآن لليهود والنصارى. وذكر كتّاب العرب منذ القرن الرابع الهجري صابئة حرّان في كثير من الأحيان واهتموا بهم في كل حال. وقد أفرد الشهرستاني لهم ولشرح أقوالهم فصلا مسهبا غاية في الإسهاب ، وهو يسلكهم في سلك الروحانيين وبخاصة روحاني الكواكب الكبرى ، والصابئة يقولون إن معلميهم الأوّلين هما النبيّان الفيلسوفان عاذيمون ـ أي الروح الطيب ـ وهرمس ، وقيل إن عاذيمون هو شيث وإن هرمس هو إدريس. وكان أورفيوس من أنبيائهم.
ومذهب الصابئة أن للعالم صانعا فاطرا حكيما مقدّسا عن سمات الحدثان ، نعجز عن الوصول إلى جلاله ، وإنما نتقرب إليه بالمتوسطات المقربين لديه وهم الروحانيون المطهرون المقدّسون جوهرا وفعلا وحالة ، أما تقديسهم جوهرا ، فيراد به تقديسهم عن المواد الجسمانية ، وتبرئتهم عن القوى الجسدية ، وتنزيههم عن الحركات المكانية والتغيّرات الزمانية ، وهؤلاء هم الأرباب والآلهة والوسائل والشفعاء عند الله رب الأرباب. وأما نحن فلتحصل لنا مناسبة بيننا وبين الروحانيات ، فيجب علينا أن نطهّر نفوسنا من دنس الشهوات الطبيعية ، ونهذّب أخلاقنا من علائق القوى الشهوانية والغضبية. وأما تقديسهم فعلا ، فقد قال الصابئة : الروحانيات هي الأسباب الوسائط في الاختراع والإيجاد وتصريف الأمور من حال إلى حال ، يستمدون القوة من الحضرة الإلهية القدسية ، ويفيضون الفيض على المخلوقات السفلية ، ويوجهون المخلوقات من مبدأ إلى كمال.
ومن الروحانيات مدبرات الكواكب السبع السيّارة في أفلاكها ، وهي هياكلها ، ولكل هيكل فلك ، ونسبة الروحاني إلى ذلك الهيكل الذي اختص به