الثاني : تعرية هؤلاء اليهود من خلال كشف الواقع العملي الذي يعيشون فيه ، وذلك بفضح أساليبهم الملتوية ، وتوضيح انحرافهم عن الخط الذي يدعون الناس إليه ويهملونه في سلوكهم العملي.
وربما يثأر هنا سؤال :
لماذا هذا التركيز في القرآن الكريم بالكلام على اليهود وبني إسرائيل ، على نحو لا نجده مع عموم أهل الكتاب؟
وفي الجواب يمكن الإشارة إلى ما يلي :
أولا : إن اليهود كانوا يمثلون القوة الدينية الكبرى المتحركة التي وقفت ضد الإسلام منذ انطلق كقوّة في حياة الناس في المدينة. أما النصارى من أهل الكتاب ، فلم يكن لهم دور كبير في مواجهة الإسلام من ناحية عملية ، بل ربما كان لهم دور إيجابي في بداية عهد الدعوة ، إذا لاحظنا هجرة المسلمين الأولين إلى الحبشة ، واحتضان ملكها النجاشي المسيحي لهم ، وانسجامه مع الآيات القرآنية التي تلاها المسلمون المهاجرون عليه في ما يتعلق بشأن المسيح وأمّه ، فلم يبق هناك إلا المشكلة الفكرية في موضوع فهمهم للتوحيد ولشخصية السيد المسيح وعلاقته بالله ، فكانت مساحة الحوار بالمستوى الذي تمثله المشكلة الفكرية من خطورة.
ثانيا : إن المستقبل الذي سيتحرك فيه الواقع اليهودي ، يمثل الخطر السياسي والاجتماعي والأمني والثقافي على واقع المسلمين ، من خلال أطماعهم في الأرض الإسلامية من جهة وفي الثروات الإسلامية من جهة أخرى ، لأن طريقتهم في التفكير والحركة سوف تؤدي إلى الكثير من المشاكل الصعبة للعالم الإسلامي ، الأمر الذي يفرض على المسلمين التفكير في عناصر الشخصية اليهودية الاستعلائية وخططها العدوانية.