وموافقيه ، ووضع الظّاهر موضع المضمر للاشعار بوصف ذمّ لهم والاشارة الى الحكم وعلّته فانّ كلّ من ترأّس في الدّين باىّ نحو من التّرأّس من القضاء والفتيا وإمامة الجماعة والجمعة والوعظ والتّصرّف في الأوقاف واموال الأيتام والغيّاب وأخذ البيعة من العباد وتلقين الذّكر وتعليم الأوراد من دون اذن واجازة من الله بتوسّط خلفائه فهو ممّن كذب على الله ، وهكذا من اتّبع هذا المترأس فانّه بحاله كذب على الله حيث اعتقد انّ هذا المترأس رئيس من الله في الدّين واتّبعه ولم يكن رئيسا من الله (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ) الّذى هو ولايته التّكوينيّة حيث انّها تزجره عن هذا التّرأّس وذلك الاتّباع وولايته التّكليفيّة ان كان قد حصّل الولاية التّكليفيّة وولىّ امره ، فانّ هذا المتّبع مكذّب بالكلّ والكلّ صدق وصادق (إِذْ جاءَهُ) تكوينا أو تكليفا في الباطن أو في الظّاهر بنفسه أو على لسان نبيّه أو على لسان قرينه (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما حالهم في الآخرة؟ فقال : انّهم في جهنّم (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) وهو كلّ من قبل الولاية التّكليفيّة فانّه جاء بالولاية التّكوينيّة والولاية التّكليفيّة وصدّق بها فانّه ان لم يتّبع هواه يصدّق الولايتين في أحكامهما ويصدّق ولىّ امره في كلّ امر ونهى وقول وفعل وخلق صدر منه (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) يعنى من الظّلم وهو في مقابل من أظلم ممّن كذب كما انّ قوله والّذى جاء بالصّدق في مقابل كذّب على الله (الى آخره) (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) مقابل أليس في جهنّم مثوى للكافرين (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) بسط ذكر الجزاء بالنّسبة الى المصدّقين دون المكذّبين تشريف لهم وتحقير لمقابليهم (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ) علّة لحصر التّقوى فيهم وكون ما يشاؤن لهم عند ربّهم يعنى لمّا كفّر الله وجزاهم بأحسن أعمالهم صار لهم ذلك ، أو غاية لما ذكر يعنى انّ التّقوى وإعطاء ما شاؤا صار سببا لتكفير سيّئاتهم (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) فكيف بغيره (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) قد سبق انّ المقصود جزاءهم لجميع أعمالهم بجزاء أحسن الأعمال وقد سبق وجهه وانّ كلّ عمل سيّئة كانت أو حسنة يحصل منه فعليّة ما للنّفس فان كانت الأعمال حسنات يحصل منها فعليّة في جهتها العقلانيّة وان كانت سيّئات يحصل منها فعليّات في جهتها الشّيطانيّة وكلّ فعليّة تحصل في جهتها الشّيطانيّة إذا تسلّط العقل وأخذ الملك من الشّيطان صارت من سنخ الحسنات لصيرورة الفعليّات حينئذ كلّها سيّئاتها وحسناتها من جنود العقول فصارت السّيّئات حسنات إذ لا معنى للحسنة الّا كون الفعليّة الحاصلة منها من جنود العقل وهذا معنى تبديل السّيّئات حسنات وبهذا الاعتبار يجزى تمام السّيّئات جزاء أحسن الأعمال فضلا عن الحسنات (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) تسلية للرّسول (ص) عن تخويف قومه ايّاه أو تخويفهم عليّا (ع) أو عن تخويفهم ايّاه بان لا يدعوا الأمر في علىّ (ع) والمراد بالعبد محمّد (ص) أو علىّ (ع) (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) قيل : قالت قريش : انّا نخاف ان تخبلك آلهتنا لعيبك ايّاها ، وقيل : يقولون لك : يا محمّد (ص) اعفنا من علىّ (ع) ويخوّفونك بانّهم يلحقون بالكفّار (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) جملة حاليّة (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يعنى انّهم اضلّهم الله ولست أنت تهديهم أو لا يهتدون الى ما يتخيّلون من اللّحوق بالكفّار ، أو من منع علىّ (ع) من الخلافة (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) فلا تخف من آلهتهم ولا ممّا قالوا في علىّ (ع) فانّ الله هداك وعليّا (ع) (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ) غالب لا يغلب في مراده حتّى تخاف منهم وممّا قالوا في علىّ (ع) (ذِي انْتِقامٍ) فلا تحزن على تقلّبهم في البلاد وتمتّعهم في الايّام فانّا ننتقم منهم بل تقلّبهم وتمتّعهم باسر النّفس والخيال انتقامنا منهم (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) عطف على من يضلل الله وهو حال في مقام التّعليل (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) فكيف