أمور الآخرة منكر لغير أهلها غير معروف ، ويوم يدع الدّاعى ظرف لقوله : تولّ عنهم أو ما تغن النّذر أو مستقرّ ، أو يخرجون (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) حال مقدّم (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) الطّبيعيّة الدّنيويّة ، أو المثاليّة الاخرويّة (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) في وجه الأرض والمقصود انّهم من غاية الفزع كالجراد المنتشر لا انضباط لحركاتهم ولا جهة بل يدخل بعضهم في بعض من غير انضباط ، وقيل : التّشبيه بالجراد في الكثرة (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) اى مقبلين أو مسرعين أو ناظرين (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) نوحا فلا تكن في ضيق من تكذيبهم فانّه ديدن لأمثالهم (وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) انزجر شديدا من شيمتهم ورميهم ، أو انزجر بوعيدهم بالقتل (فَدَعا رَبَّهُ) بعد ما انزجر شديدا (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) منهم بالإهلاك (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ) وقرئ فتّحنا بالتّشديد (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) منصبّ مستمرّ غير منقطع (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) تميز محوّل عن المفعول (فَالْتَقَى الْماءُ) ماء السّماء وماء الأرض مشتملا (عَلى أَمْرٍ) هي إهلاك القوم (قَدْ قُدِرَ) في عالم القدر أو على ميزان قدّره الله من التّساوى أو التّفاضل في المائين أو على ميزان قدّره الله من مقدار ارتفاع الماء على وجه الأرض (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) وهي المسامير من الحديد أو كلّ ما يشدّ به الشّيء أو خيوط من ليف يشدّ بها السّفن ، وقيل : هي صدر السّفينة تدفع بها الماء ، وقيل : هي أضلاع السّفينة وأصلها (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) بحافظيّتنا (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) وهو نوح فانّ نعمة السّفينة وجريها بحفظه تعالى ، ونقمة القوم وإهلاكهم كان جزاء لنوح وكفر قومه به (وَلَقَدْ تَرَكْناها) اى هذه الغفلة بقوم نوح أو السّفينة بعينها أو بخبرها في النّاس (آيَةً) يعتبر بها ، أو آية على قدرتنا وانتقامنا أو على صدق انبيائنا (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) معتبر بتلك الآية (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) وإنذاري أو هو جمع النّذير (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) اى للتّذكّر والاتّعاظ بان ذكرنا فيه الحكايات المبشّره والمنذرة والأمثال العديدة بألفاظ واضحة الدّلالة ، أو يسّرنا القرآن بان نزّلناه من مقامه العالي وأدخلناه في قوالب الألفاظ والحروف ليسهل إدراكه لكم (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كَذَّبَتْ عادٌ) قوم عاد بعد قوم نوح (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا) جواب لسؤال مقدّر عن العذاب (عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) باردة (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) نحو ستّة الى مثله ، عن الصّادق (ع) : يوم الأربعاء يوم نحس لانّه اوّل يوم وآخر يوم من الايّام الّتى قال الله عزوجل (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً تَنْزِعُ النَّاسَ) روى انّهم كانوا يدخلون في الشّعاب ويتمسّك بعضهم ببعض فكانت الرّيح تنزعهم وتصرعهم موتى (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) منقطع من أصولها ، شبّههم باعجاز النّخل لانّهم بعد خروج أرواحهم تصير أبدانهم كأعجاز النّخل لانّ أرواحهم مثل أصول النّخل وغصونها (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) كرّر هذه الكلمة وسابقتها لانّ السّورة لتهديد الكفّار وترغيب المؤمنين ، والتّكرار في مقام التّهديد والتّرغيب مطلوب (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) من بعد عاد (بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) على سبيل الإنكار والاستغراب (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) جمع السّعير ، أو بمعنى الجنون ، أو جمع