المقاتلين بحقّ المقاتلة ، والآية الثّانية لبيان المصرف (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) اى ذي قربى الرّسول (ص) (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) من قرابات الرّسول (ص) وقد خصّص في الاخبار كلّ ذلك بأقرباء الرّسول (ص) (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) الدّولة بالفتح والضّمّ المال الّذى يتداولونه بينهم ، أو بالضّمّ في المال ، وبالفتح في الحرب ، أو بالضّمّ في الآخرة ، وبالفتح في الدّنيا ، كذا في القاموس (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ) اى ما أعطاكم من غنائم بنى النّضير ، أو من مطلق الغنائم ، أو من مطلق الأموال والأوامر (فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة الرّسول (ص) (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) عن الصّادق (ع) انّ الله عزوجل ادّب رسوله (ص) حتّى قومه على ما أراد ثمّ فوّض اليه فقال عزّ ذكره : ما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، فما فوّض الله الى رسوله (ص) فقد فوّضه إلينا ، والاخبار في تفويض امر ـ العباد الى رسول الله (ص) كثيرة وانّه صلىاللهعليهوآله أحلّ وحرّم أشياء فأجازه الله تعالى ذلك له (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) بدل من قوله لذي القربى ، أو بدل من مجموع قوله لله وللرّسول ويكون إبداله بالنّسبة الى الله ورسوله نحو بدل الاشتمال ، وبالنّسبة الى ذي القربى وما بعده نحو بدل الكلّ من الكلّ والمراد بالمهاجرين من هاجر من مكّة أو من سائر بلاد الكفر الى المدينة أو من هاجر السّيّئات الى الحسنات ، أو من هاجر من دار النّفس الامّارة الى دار النّفس اللّوامة ، ومنها الى النّفس المطمئنّة اللّتين هما دار الإسلام ، ومنها الى القلب الّذى هو دار الايمان (الَّذِينَ أُخْرِجُوا) صفة للفقراء أو ابتداء كلام ومبتدأ ويبتغون خبره ، أو أولئك هم الصّادقون خبره والجملة في مقام التّعليل ، ووضع الظّاهر موضع المضمر ليكون بعقد الوضع دالّا على علّة الحكم أيضا والمقصود انّهم أخرجهم الكفّار من مكّة أو من سائر بلادهم ، أو أخرجهم الملائكة من بلاد الكفر ، أو من مراتب نفوسهم وقال : اخرجوا دون خرجوا للاشعار بانّ الخارج من وطنه أو من مقام الى مقام ان لم يكن بحسب الظّاهر له مخرج فهو خارج بمخرج باطنيّ وليس خارجا بنفسه فيكون خروجه نعمة من ربّه (مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ) في ذلك الخروج (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) الفضل كما تكرّر ذكره النّعم الصّوريّة والرّسالة وأحكامها وقبولها ، والرّضوان الولاية وآثارها وقبولها (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) عطف على الفقراء المهاجرين أو على المهاجرين أو على الّذين اخرجوا أو مبتدء وخبره يحبّون من هاجر إليهم والجملة معطوفة على سابقتها والمعنى الّذين أقاموا في دورهم وهم الأنصار الّذين لم يكن لهم ان يخرجوا لهجرة الرّسول (ص) إليهم (وَالْإِيمانَ) يعنى أقاموا في الايمان فانّ الأوصاف كثيرا يحكم عليها بحكم الظّروف (مِنْ قَبْلِهِمْ) اى من قبل المهاجرين فيكون المراد الّذين آمنوا بمكّة ثمّ رجعوا الى المدينة وانتظروا قدوم محمّد (ص) ، أو المعنى تبوّأوا الدّار والايمان من قبل هجرة المهاجرين (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) من المؤمنين المهاجرين لانّهم أحسنوا الى المهاجرين واسكنوهم دورهم واشركوهم في أموالهم (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) اى المهاجرين اى لا يجد الّذين تبوّأوا الدّار في أنفسهم حسدا أو غيظا لازما للحاجة والفقر ناشئا ممّا اوتى المهاجرون ، أو من أجل ما اوتى المهاجرون