أو جعلناه حجّة لبني إسرائيل ، وعن الصّادق (ع) في دعاء يوم الغدير : فقد أجبنا داعيك النّذير المنذر محمّدا (ص) عبدك ورسولك الى علىّ بن ابى طالب (ع) الّذى أنعمت عليه وجعلته مثلا لبني إسرائيل انّه أمير المؤمنين (ع) ومولاهم ووليّهم الى يوم القيامة يوم الدّين فانّك قلت : ان هو الّا عبد أنعمنا وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (وَلَوْ نَشاءُ) يعنى انّهم يضجّون بان شبّهت عليّا بعيسى (ع) فلو نشاء (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) يعنى لو نشاء لجعلناكم اعزّ من ان تشبّهوا بعيسى فجعلنا بعضكم ملائكة يخلفون لله في الأرض ، أو يخلفونكم في الأرض ، أو لولّدنا منكم ملائكة ، أو لجعلنا بدلا منكم ملائكة ، أو لجعلنا ظاهرين وخارجين من وجودكم الى خارج وجودكم ملائكة كما كان يظهر من محمّد (ص) جبرئيل (ع) بحيث كان قد يراه من كان قرينا له (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ) اى انّ عليّا (ع) لعلم وامارة علم (لِلسَّاعَةِ) وقرئ علم بالتّحريك اى امارة فانّ عليّا (ع) بولايته من أمارات السّاعة أو من أسباب العلم بالسّاعة لانّ من تولّاه بالبيعة الخاصّة الايمانيّة ودخل الايمان في قلبه أيقن بالسّاعة بشهود أماراته من وجوده ، أو انّ عيسى (ع) من أمارات السّاعة فانّ نزوله من علامات السّاعة ، وقيل : انّ القرآن من أسباب العلم بالسّاعة أو محمّد (ص) من أمارات السّاعة فانّه بعث هو والسّاعة كالسّبّابة والوسطى ، أو جعل الملائكة منكم من أسباب علم السّاعة (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ) امّا من كلام الله أو من كلام محمّد (ص) بتقدير القول والتّقدير قل لهم : اتّبعون فيما أقول لكم من ولاية علىّ (ع) (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) جواب سؤال مقدّر في مقام التّعليل يعنى هذا المذكور صراط مستقيم ، وفسّر الصّراط هاهنا بعلىّ (ع) (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة أو مظهر لعداوته لانّه يصدّكم عمّن امر الله تعالى ورسوله مرارا بولايته وأطاعته بحيث لم يخف على أحد امره (ص) بإطاعته (ع) (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ذكر حكاية عيسى (ع) وقوله لقومه وبيان حال قومه وقالهم له تسلية للرّسول (ص) ولأمير المؤمنين (ع) وتهديد لقومهما (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ) الحزب بالكسر الطّائفة وجماعة النّاس ، وجمعه الأحزاب (مِنْ بَيْنِهِمْ) اى فاختلف جماعات من بينهم وعرّفه باللّام للاشارة الى انّ الجماعات المختلفة كأنّهم كانوا معهودين (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) منهم (مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ هَلْ يَنْظُرُونَ) ما ينتظرون لظهور إتيان السّاعة وعدم جواز إنكارها جعلهم مثل من انتظر امرا (إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ) بدل من السّاعة بدل الاشتمال (بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بمجيئه حتّى يتهيّئوا لها ، وقد مضى مكرّرا انّ السّاعة قد فسّر بساعة الموت وبالقيامة وبظهور القائم (ع) (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر في بيان حال اليوم والمراد بالخلّة هاهنا هي الخلّة في الدّنيا لا الخلّة في الله وللآخرة بقرينة الاستثناء وسبب صيرورة الخلّة الدّنيويّة عداوة اخرويّة انّ الخلّة الدّنيويّة صارفة للإنسان عن بغيته الاخرويّة وشاغلة له عن الاشغال الإلهيّة فتصير سببا للحسرة والنّدامة ، ويظهر انّها كانت عداوة فالخليل الدّنيوىّ يعادى خليله لذلك (إِلَّا الْمُتَّقِينَ) في أفعالهم وأحوالهم وأخلاقهم عن الجهة الدّنيويّة فخلّتهم لا تكون الّا لجهات اخرويّة ويوم القيامة يظهر اثر تلك الخلّة فيتيقّن ويشاهد انّ الخلّة كانت خلّة لا عداوة ، وقرأ الصّادق (ع) هذه الآية فقال : والله ما أراد بهذا غيركم ، وعنه (ع): واطلب مواخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض وان أفنيت عمرك في طلبهم فانّ الله عزوجل لم يخلق أفضل منهم على وجه الأرض من بعد النّبيّين ، وما أنعم الله تعالى على عبد بمثل ما أنعم به من التّوفيق لصحبتهم