وينكحون ويمشون في الأسواق وقد كانوا يأتون بالاحكام من الله ويدعون الى التّوحيد (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) بحسب اقتضاء بشريّتى فما لكم تطالبونى بعلم الغيب (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) لا أتجاوزه الى ما تشتهون أو اشتهى (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) بحسب رسالتي لا شأن لي سوى الإنذار وان كنت بحسب ولايتي هاديا لكم وقادرا على ما لا تقتدرون عليه وعالما بما لا تعلمون (مُبِينٌ) ظاهر الإنذار ، وظاهر الصّدق أو موضح (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (إِنْ كانَ) القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) أو الوحي الىّ أو هذا الّذى ادّعيه من الرّسالة أو ولاية علىّ (ع) (مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) قيل : هو عبد الله بن سلام كان من علمائهم وأسلم ، وقيل : المراد بالشّاهد موسى (ع) بما اثبته في التّوراة (عَلى مِثْلِهِ) لم يقل عليه لانّ شاهد بنى إسرائيل ما شهد انّ محمّدا (ص) رسول وانّ هذا القرآن كتابه وانّ عليّا (ع) وصيّه بل شهد انّ النّبىّ (ص) الموعود يكون شمائله كذا ، ودعوته الى كذا ، وكتابه كذا ، ووصيّه يكون ختنه وابن عمّه (فَآمَنَ) الشّاهد (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) أنتم من الايمان به ، وجواب الشّرط محذوف اى أفلم تكونوا ظالمين أو أفلم تؤاخذوا (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تعليل للجواب المحذوف ودليل عليه ، أو هو جواب بتقدير الفاء (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله وبرسوله أو بالولاية (لِلَّذِينَ آمَنُوا) في حقّهم (لَوْ كانَ) الرّسول أو القرآن أو هذا الأمر من الرّسالة أو الولاية (خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) لانّ نظرهم كان الى الدّنيا ولم يكونوا يعلمون خيرا الّا ما يعدّ في الانظار الحسّيّة من الخير ، وكان المؤمنون أراذل النّاس وأسوءهم حالا في نظرهم فقاسوا امر الآخرة على امر الدّنيا وقالوا هؤلاء أسوء حالا منّا فلو كان قبول الرّسالة أو الولاية خيرا لكنّا اولى منهم (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) جملة حاليّة في مقام الرّدّ عليهم يعنى يقولون هذا كذب سبق أمثاله والحال انّ من قبله كتاب موسى وهم يعترفون به وهو شاهد على صدقه حالكون كتاب موسى (ع) (إِماماً) يؤمّه كلّهم بل كلّ النّاس (وَرَحْمَةً) سبب رحمة (وَهذا كِتابٌ) ليس منافيا مخالفا له حتّى يقرّوا بكتاب موسى وينكروه (مُصَدِّقٌ) لكتاب موسى (ع) (لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) وهذا الإنذار وتلك البشرى دليل صدقه (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) قد مضى الآية وبيانها في سورة السّجدة وهذه ردّ على ما قالوا لو كان خيرا ما سبقونا اليه وابطال لقياسهم الفاسد (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى في سورة البقرة بيان اختلاف هاتين الفقرتين (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) جملة منقطعة عمّا سبق بيان لحال اشخاص أو شخص مخصوص لكنّه أتى بأداة العطف إيهاما لاتّصالها بسابقها كأنّه قال : انّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا على ما وصّيناهم وامرناهم ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانا (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) لمّا أراد المبالغة في التّوصية في حقّ الامّ ذكر ما تتحمّله الامّ من المشاقّ على الولد (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) قد سبق ذكر الاشدّ في سورة الانعام وسورة يوسف وغيرهما ، وذكر بيان له هناك (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ) يعنى ينبغي ان يقول على ان تكون الآية عامّة أو يقول لا محالة على ان يكون الآية خاصّة بالحسين (ع) كما في أخبارنا (رَبِّ أَوْزِعْنِي) ألهمنى أو أولعنى (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ