وأيضا إذا كان هذا الفداء من الابن رحمة منه ، أفلم يكن عند الأب شيء من هذه الرحمة ليغفر لنا بدون تحمل ابنه لعقاب الخطيئة.
وأيضا من هو الأب؟ ومن هو الابن؟ وأنت تقول : ان الثلاثة واحد وبالنتيجة يرجع الكلام الى ان الأب تحمل ما تقول ولازم قولك انه تحمل الموت الأبدي في جهنم.
«قلت» : سيقول لك المتكلف هذا كلام تجديف فانا نبشر لا بحكمة كلام لئلا يتعطل صلب المسيح «١ كو ١ : ١٧» فإن الكتاب يقول : صار المسيح لعنة لأجلنا كما سمعت.
فان قلت : ان لي على هذا الكلام وما ذكرته سابقا من نحوه سؤالات كثيرة ، قلت : أو على عهدة الجواب في مثل هذا واني سائل مثلك وقد أجبتك عن البعض بما أعلمه من حالهم ومقالهم وكتبهم ، فجاهد في الله يهدك الى سبيله.
ونتيجة ما تقدم : ان العقل والنقل دالان بأوضح دلالة على لزوم عصمة الرسول عن الخطايا والقبائح والتمرد على الله فلا يجتمع للكتاب المنسوب للوحي والإلهام أن يصرح برسالة شخص ونبوته ، ثم ينسب بصراحته له الفعل القبيح عقلا أو شرعا ، ودونك القرآن فهل تجد فيه ما هو صريح في نسبة الفعل الحرام أو ترك الواجب أو فعل القبيح الى من صرح برسالته خصوصا وقد نبهناك على معاني ألفاظه ومرامي مقاصده ودلائل شواهده ، ولئن وجد فيه ما يوهم ذلك ابتداء فإن قرينة العقل والنقل وخصوص القرائن المتصلة لتكبح ذلك الوهم وتصرف عنه ايهام اللفظ.
وأما العهدان فكم وكم ترى في صريحهما من نسبة الخطايا الكبائر ومفضعات الجرائم الى من صرحا بنبوتهم ورسالتهم ونزول الوحي للتبليغ عليهم ، ولا يجتمع لهما الصدق في وصفهم بالرسالة ونزول الوحي عليهم للتبليغ ونسبتهم الى ما ذكراه من الخطايا كما شرحنا بعضه في فصول هذا الباب ، فإن بداهة العقل والنقل لتحكم بكذبهما في أحد الامرين لا محالة ،