ومصارعة يعقوب مع الله حتى انه لم يقدر على يعقوب فطلب منه أن يطلقه فلم يطلقه حتى باركه «انظر تك ٣٢ : ٢٢ ـ ٣٠».
ومخادعة صفوره لله حين التقى موسى وطلب أن يقتله بعد أن أرسله ووعده «انظر خر ٤ : ٢٤ ـ ٢٧» ، وفي هذا المقدار كفاية فإن الإكثار منه يخرج عن حد البحث إلى سوء القالة.
وأما قوله تعالى في سورة الشعراء ٤٢ (قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) فلم يكن قول موسى فيه لسحرة فرعون اذنا في السحر أو بعثا عليه ليكون قد فعل حراما بذلك كما زعم المتكلف ، بل إنما حقيقته اختياره التأخر في إلقائه العصا عما صمموا عليه من السحر بإلقاء حبالهم وعصيهم ، كما يفيده قوله تعالى (ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) أي ما أنتم مصممون على إلقائه حيث جمعهم فرعون ليقابلوا بسحرهم معجزة موسى ، ويكشف عن ذلك قوله تعالى في سورة الاعراف ١١٢ (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) ١١٣ قال : ألقوا ، وفي سورة طه ٦٨ (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ٦٩ (قالَ بَلْ أَلْقُوا).
وانا لنسأل المتكلف من أين اخذ قوله قال علماء الإسلام : انه اذن لهم في السحر ، وان السحر كان جائزا.
ولا نقل للمتكلف ان العهد القديم يذكر عن ايليا النبي انه أمر أنبياء البعل «صنم» ان يذبحوا له محرقة ويدعوا باسم آلهتهم ففعلوا ذلك باقتراحه حسب العادة في عبادة المشركين من الصباح الى الظهر قائلين : يا بعل اجبنا ، كل ذلك بمحضر ايليا وبني اسرائيل ، وزاد ايليا على ذلك بقوله : ادعوا بصوت عال لأنه إله لعله نائم ونحو ذلك ، كل هذا ليظهر لهم معجزته «١ مل ١٨ : ٢٣ ـ ٣٠».
لأنا نقول لك أولا : لا قياس بين الأمرين فإن موسى لم يأذن بمقتضى القرآن بالسحر ولا اقترحه ابتداء ولا بعث عليه كما ذكرنا بخلاف ما يذكره العهد القديم عن ايليا من انه هو المقترح للعبادة الشركية للبعل والباعث عليها فسماه إلها.