المقدمة السادسة
قد وجدنا العمدة لمباحثي المسلمين من النصارى هو الاحتجاج عليهم بما في كتب العهدين ، وكأن هؤلاء المباحثين لم يفطنوا إلى أنه لا حجة لهم بها على المسلمين لوجوه :
«الوجه الأول» انه من المتعذر ايصال السند في كل واحد من هذه الكتب الى الأنبياء معادن الوحي والإلهام على سبيل التواتر المفيد لليقين في كل طبقات النقل ، فاستوضح بعض ذلك من المقدمة السابقة ، وغاية ما عندهم هو الاعتماد على حكم المجامع المتقلب في تمييز الكتاب الإلهامي من المكذوب ، والاستشهاد بمطابقة كلام القدماء ، كما ستعرف ذلك من أشتات كلام المتكلف.
«الوجه الثاني» انه لا يتمكن معرفة رسالة الأنبياء السابقين وتعيين كتبهم الصادرة عن الوحي معرفة يقينية إلا بسبب اخبار رسول الله خاتم المرسلين ، والقرآن الذي هو كلام الله بواسطة دلالة العقل على صدق رسول الله بدعواه الرسالة ، وان القرآن الكريم هو كلام الله العظيم ، فلو شككنا والعياذ بالله بالرسول والقرآن كما يريدون لم تبق لنا معرفة بنبي مرسل ولا اسم كتاب إلهامي فان كتب العهدين بنفسها ووجوه مضامينها هي التي تصد عن الإذعان باتصال سندها وصحة تواترها وصدورها عن الوحي والالهام ، وتمنع عن التصديق بنبوة