الفصل الرابع
في ذكر الاعتراضات على هذا المقام وأجوبتها في
تحقيق الحق وكشف الالتباس
فان قيل : ان كتب المليين المنسوبة إلى الوحي والالهام لصريحة في صدور المعصية والذنوب والقبائح من الأنبياء المرسلين.
قلنا : وهل بعد دلالة العقل وما ذكرناه عن الكتب المنسوبة إلى الالهام والوحي تجد مجالا للريب ، فانا إن لم نتمسك بهدى العقل فبما ذا نعرف ان الكتاب كتاب وحي جاء به النبي المرسل من عند الله ، ولما ذا نتغافل عما ذكرنا عن الكتب من وضوح الدلالة على عصمة النبي مما يؤكد ببيانه الجلي حكم العقل البديهي.
فإن قيل : فما ذا نصنع بما أشرنا إليه مما يدل صريحا على صدور المعصية والذنب من الأنبياء المرسلين.
«قلنا» : أما ما أمكن حمله على المعصية المجازية التي هي عبارة عن ارتكاب خلاف الاولى ومخالفة الأمر الاستحبابي والارشادي ، أو النهي التنزيهي أو الارشادي فيجب حمله على ذلك لأجل قرينة العقل والنقل وحكمهما بالعصمة كما يحمل ما جاء في الكتب المذكورة من نسبة الوجه والعين والاذن والانف واليد والرجل والقدم وباطن القدمين والضحك والركوب والطيران لله جل شأنه على معان مجازية مناسبة لأجل حكم العقل بتنزهه تعالى شأنه عن الجسم ، وأما ما لا يمكن حمله على ما ذكرنا فإن العقل الذي هو دليلنا على معرفة الله والنبي والوحي