ان الكلمة الأزلية هي الله كما استشهد به المتكلف «ص ٢٩٠» وأين والآية الشريفة تكافح ذلك وتعلن بالتوحيد ، وبطلان التثليث ، وتنزه الله عن نسبة الولد إليه تعالى شأنه ، وتصرح بأن المسيح عبد الله ، ولن يستنكف من ذلك.
وعلى مثل هذا جاء قوله تعالى (وَرُوحٌ مِنْهُ) فإن المراد انه روح مخلوقة لله اودعت في «مريم» لا بواسطة نطفة وتوالد عادي ، بل هي من ناحية قدرة الله الباهرة ، وليس كما يحاول المتكلف جريا على كتابه القائل : الله روح «يو ٤ : ٢٤».
وأما الرب فهو الروح «٢ كو ٣ : ١٧» بل هي على نحو قول الله تعالى في شأن «آدم» (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) الحجر «٢٩ وص ٧٢» وعلى نحو قول التوراة عن قول الله تعالى : «لا يدين روحي في الإنسان الى الأبد» «تك ٦ : ٣».
ثم ان المتكلف بعد اعترافه أولا بأن تجسد الكلمة الأزلية فوق العقول أقدم على مصادمة العقل والنقل فحكم بأنه موافق لهما ، ولم يكتف بذلك بل قال : ان تجسد الكلمة «وهو بالنحو الذي شرحناه لك» أظهر تنزه صفات الله عن النقص والعيب ، وكأنه لو لم تنفصل الكلمة اقنوم الابن عن الأب ، ويتجسد على الارض ويجري عليه ما ذكرنا من كتب إلهامهم من تصرف ابليس به ، واطماعه بممالك المسكونة ليسجد له وتوارد الاضطهادات عليه ، بل كان الله واحدا قهارا عزيزا غير مثلث ولا متجزئ ولا مضطهد لكانت صفاته غير منزهة عن النقص والعيب ، سبحانك اللهم وتعاليت.
وأما قول المتكلف : ان الله لا يبرأ المذنب إلا اذا استوفى حقه ، وعدله ، فليت الكامل والناقص والفاهم والغبي يسألونه كيف أظهر تجسد الكلمة ان الله لا يبرئ المذنب إلا إذا استوفى حقه وعدله ، فهل يقول : ان العقل والأنبياء والعهد القديم قد قصروا في بيان هذه الحقيقة او قصروا عنه.
المتكلف وسر الفداء
أم يريد المتكلف ما يلهج به من سر الفداء ، وان الله استوفى حقه من الخاطئين وعدله باضطهاد الفادي الكريم وذبيحته فإنه قال «يه ٢ ج ص ٢٩١»