«تنبيه» اعلم ان الاصطلاح الأغلب او الغالب هو ان النسخ رفع الله للحكم الشرعي بعد وقت العمل به وقد ذكرنا في الجدل أمثلة ما وقع منه في العهدين وهي وان عددناها سبعة وأربعين مثالا على سبيل الاجمالي لكنها تنحل إلى ألوف من الأمثلة وبقيت هاهنا أمثلة من العهدين منها ما لا تدل الواقعة المذكورة على ان رفع الحكم فيها كان قبل وقت العمل.
وصاحب «اظهار الحق» جعل هذين القسمين من النسخ ولا مخالفة بينه وبين الاصطلاح الأغلب إلا في أمر اصطلاحي يرجع الى مجرد التسمية. وعلى كل حال فما سنذكره من الأمثلة المقدمة في توهم المنع والمكابرة بدعوى الجهة المانعة بل هي أولى بالامتناع بحسب مزاعم المتكلف لأن رفع الحكم فيها لم يمض له زمان كثير من حين تشريعه ، ومنه ما لا يبلغ الساعة والساعتين والمتكلف يتضجر ويشدد النكير على رفع الحكم قبل ان تمضي لتشريعه مدة طويلة «انظر يه ٤ ج ص ١٨٤ س ١٠ ـ ١٤» ، بل ان سوق كلامه المشار إليه وما قبله يعطي انه يجوز رفع الحكم بل ملاشاة الشريعة السابقة بعد الف وخمسمائة سنة ، ولا يجوز بعد شهر او يوم ، فهذه الأمثلة حجة عليه وعلى المتعرب في كلامه «ذ» «ص ٤٦ س ١٤ ـ ص ٤٧ س ٢» ولكنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ، وهاك ما نذكره من الأمثلة.
١ ـ نوح والحيوانات
جاء في سادس التكوين عن قول الله لنوح ١٨ ولكن اقيم عهدي معك فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك ١٩ ومن كل حي كل ذي جسد اثنين من كل تدخل الفلك لاستبقائها معك تكون ذكرا وانثى ٢٠ من الطيور كاجناسها ، ومن البهائم كأجناسها ، ومن كل دبابات الارض كأجناسها اثنين من كل تدخل أليك لاستبقائها.
وفي سابع التكوين أيضا ١ وقال الرب لنوح ادخل أنت وجميع بيتك إلى الفلك لأني اياك رأيت بارا في هذا الجيل ٢ من جميع البهائم الطاهرة معك سبعة سبعة ذكرا وانثى ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكرا وانثى ٣ ومن طيور السماء أيضا سبعة سبعة ذكرا وانثى لاستبقاء نسل على وجه كل الارض ، فقد تبدل