يدلنا على أن ذلك أجنبي عن الوحي والالهام وإنما هو من فلتات الأقلام.
فإن قيل : ان أهل الكتاب يدعون أنه لا ريب في إلهامية كتبهم المصرحة بصدور الذنوب والمعاصي. العظيمة من الأنبياء فهم لأجل ذلك يتأولون ما دل على لزوم عصمة النبي من كتب الالهام ويمنعون ما اعتمدتم عليه في العصمة من دلالة العقل.
قلنا : أولا قد طرق سمعك وسيتواتر عليك إن شاء الله من بيان هذا المختصر ما يمنحك اليقين بأن الكثير من كتبهم أجنبي عن الوحي والالهام فلا يوثق بشيء منها في كونه إلهاميا ، فضلا عن مصادمته للعقل والنقل في هذا المقام.
«وثانيا» ان ما اعتمدنا عليه من دلالة العقل قد بلغ من البداهة إلى حد تلجئهم فيه الفطرة إلى الاعتماد عليه فينطلق به لسانهم أحيانا من قيود العصبية ، فان المتكلف وهو أقل من عرفناه انصافا وأشد عصبية قد قال : (يه ٣ ج ص ٧٢) ان الأنبياء هم اناس أرسلهم المولى سبحانه وتعالى إلى شعبه لارشادهم إلى الحق اليقين وهدايتهم إلى الصراط المستقيم فكانوا حصنا منيعا من الحاد الملوك والامراء وواقيا لشر الفجار ، وكانوا قدوة حسنة للصغير والكبير والخطير والحقير.
وهذا اعتراف منه بمقتضى الجاء الفطرة بالغاية المطلوبة من إرسال الأنبياء.
وقال أيضا ص ٧٣ : ويلزم أن يكون النبي تقيا خائفا لله سليم الفطرة والفكرة ليستأمنه المولى على أقواله وليوحي إليه إرادته ومشيئته ويأمره بأن يبلغها للورى فيسمع طائعا.
وهذا اعتراف منه بلزوم عصمة الأنبياء خصوصا عن مثل ما نسبته إليهم كتب العهدين من فواضح القبائح كما سيمجه سمعك إن شاء الله في الفصول الآتية في الباب الثاني من هذه المقدمة.
وأيضا قد تكرر من المتكلف في أجزاء كتابه تبعا لأمثاله سيئ الطعن