أهل اللسان والمعرفة بمحاوراته؟ أفتراهم لا يفهمون مواقع الكلام مثل ... على أن هذه الحكاية بأصلها وفروعها والاستشهاد لها مخالفة لنص القرآن في نفس سورة النجم بقوله تعالى في شأن رسول الله : (٣ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ٤ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).
فإن قلت فإذا فما يكون المعنى في الآية المذكورة قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى) الآية.
قلنا : والله أعلم الظاهر هو أن يكون المراد من الامنية هو الشيء المتمني كما هو الاستعمال الشائع في الشعر والنثر ، كما أن الظاهر من التمني المنسوب الى الرسول والنبي كما يشهد به سوق الآيات هو أن يكون ما يناسب وظيفتهما وهو تمني ظهور الهدى في الناس وانطماس الغواية والهوى وتأييد شريعة الحق ونحو ذلك فيلقي الشيطان بغوايته بين الناس في هذا المتمني الصالح ما يشوشه ويكون فتنة للذين في قلوبهم مرض ، كما ألقى بين أمة موسى من الضلال والغواية ما ألقى ، وألقى بين اتباع المسيح ما أوجب ارتداد كثير منهم وشك خواصهم فيه واضطرابهم في التعاليم وأحكام الشريعة بعده كما مر عليك شرحه في المقدمة الخامسة ، والقى بين قوم رسول الله ما أهاجهم على تكذيبه وحربه وبين أمته ما أوجب الخلاف وظهور البدع. فينسخ الله بنور الهدى غياهب الضلال وغواية الشيطان ، فيسفر للعقول السليمة صبح الحق ، ثم يحكم الله آياته ويؤيد حجته بإرسال الرسل او تسديد جامعة الدين القيم ، وإذا نورت فكرك بما ذكرناه عرفت شطط المتكلف «يه ٣ ج ص ١٦٩ ـ و ٢ ج ص ٩٧».
«ورطات المتكلف» وإذا تبصرت بما شرحناه فلا تعجب من المتكلف إذ جعل قصة الغرانيق السخيفة من أقوى أدلته فإنه قد أبدع في التحقيق وحرية الضمير حيث قارن بين هذه القصة وبين ما جاء في العهد القديم في شأن سليمان بن داود فقال «يه ١ ج ص ٦٣ س ١٩» لم يظهر نبي من الأنبياء الصادقين مثل هذا التلاعب ومسايرة الناس على شركهم وعبادتهم الكاذبة ولا مناسبة بين خطيئته «يعني قدس رسول الله وخرافة الغرانيق» وبين خطيئة سيدنا سليمان ، فسيدنا أباح لبعض نسائه الأجنبيات عبادة آلهتهن ولم يقع هو في هذه