بالمسكين فأين الافهام وأين التمييز؟
«وأما ثانيا» فإن هذه الرواية بسبب نزول هذه الآية مما لا يكاد أن يصح لأنها قد رويت مضطربة بوجوه متناقضة وأحوال متفاوتة ، فإن ذكر الأقرع وعيينة وطلبهم من رسول الله مجالسته ليأخذوا عنه وذكرهم لوفود العرب عليه يقتضي أن تكون الواقعة في المدينة بعد فتح مكة.
وكذا رواية الزبير بن بكار في أخبار المدينة خصوصا مع ذكر المؤلفة قلوبهم فيها.
وعن ابن مسعود ان الذين طلبوا من رسول الله طرد الفقراء ليتبعوه هم الملأ من قريش.
وعن عكرمة عد جماعة من قريش وأشراف الكفار من عبد مناف ، وانهم توسطوا لطرد رسول الله للمساكين بأبي طالب فأشار عمر بطردهم فنزلت الآية فأقبل عمر معتذرا من مقالته وهذا لا يكون إلا في مكة قبل الهجرة إلى غير ذلك من الروايات المضطربة التي يلزم أيضا من ذكر سلمان الفارسي في بعضها كون الواقعة في المدينة.
وأيضا فقد روى من طرق كثيرة ان سورة الانعام نزلت بمكة جملة واحدة فيكون ذلك منافيا لما يلزمه كون الآية نزلت في المدينة كمرسلة المتكلف ، ومنافيا أيضا لما يلزمه كون الآية نزلت مستقلة عن السورة لاجل سبب خاص ، بل لعل جميع روايات النزول تذكر ان هذه الآية نزلت في مكة أو غير المدينة ، وانها نزلت في جملة السورة فلا يبقى في روايات أسباب النزول مع اضطرابها ووهنها في نفسها ، رواية غير معارضة بما يكذبها بمضمونه.
انظر أقلا إلى الدر المنثور تفسير السيوطي عند أول سورة الانعام وعند تفسير الآية المذكورة فالصواب أن يقال في الآية انها نزلت لحسن التأديب وتهذيب الاخلاق وخوطب بها النبي «ص» ككثير من خطاب القرآن من باب «اياك أعني واسمعي يا جارة» ، بل ككثير من خطاب التوراة.
ثم تعرض المتكلف «يه ١ ج ص ٧٤ و ٧٥» لذكر آيات توهم صدور