ونقل عن جيروم ما حاصله ان أهل صور لما رأوا طول الحصار نقلوا كل ما كان ثمينا من ذهب وفضة وثياب وكل ما عند أشرافهم من الأمتعة الثمينة الى المراكب وذهبوا به الى الجزائر ، فلما فتحها نبوخذراصر لم يجد فيها شيئا يقوم مقام أتعابه ، انتهى انظر الى «يه ٢ ج ص ١٤٥ س ١٦ ـ ص ١٤٦ س ٢».
فأين صار مع ذلك دعوى النبوة وتبليغ الرسول بأن نبوخذراصر وجيشه ينهبون ثروة صور ويغنمون تجارتها ، وأين تكون التجارة المغتنمة مع حصار ثلاثة عشر سنة ، ونزوف الثروة ونقل الذهب والفضة والامتعة الثمينة إلى الجزائر.
وحاصل ما عند المتكلف في هذا المقام هو أن الرسول لم يكذب في تبليغه بكل ما قال في شأن صور ، وإنما ظهر الكذب في أمرين لم يقعا وهما نهب ثروتها وغنيمة تجارتها والكذب بهذين الأمرين سهل وإن كانا هما العمدة في هذا المقام ، فإن باقي النبوات هاهنا قد تمت بفضل الله على ما يقول يوسيفوس وأمثاله.
وان المسيح قد ذكر عنه في ثاني عشر متى (٣٨) حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين : يا معلم نريد أن نرى منك آية (٣٩) فأجاب وقال لهم : جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي (٤٠) لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة أيام وثلاث ليال انتهى.
وان الاناجيل الاربعة لتكذب هذا الكلام في أمرين :
«الأول» ما عن قول المسيح جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي فانه يكذبه ما ذكره متى بعد ذلك من وقوع الآيات والمعجزات من المسيح «مت ١٤ : ٤ ـ ٣٦ و ١٥ : ٢٨ ـ ٣٢ و ١٧ : ١ ـ ٦ و ١٤ ـ ١٩ و ٢٠ : ٢٩ ـ ٣٤ و ٢١ : ١٩ و ٢٧ : ٤٥ و ٥١ ـ ٥٥» ونقل لوقا هذا الكلام عن المسيح أيضا «لو ١١ : ٢٩» وانه ليكذبه بما ذكره بعد ذلك من وقوع الآيات والمعجزات «لمو ١٣ : ١١ ـ ١٤ و ١٤ : ٢ ـ ٥ و ١٧ : ١١ ـ ١٥ و ١٨ : ٣٥ ـ ٤٣ و ٢٢ : ٥٠ و ٥١».
وأيضا في ثامن مرقسن ١١ فخرج إليه الفريسيون وابتدءوا يحاورونه طالبين