الناس وتأهّبوا ، وأعان كل منهم صاحبه ، وتضاربوا بالأيدي. فاجتمعت بعض الأبناء إلى محمد بن أبي خالد الحربيّ وقالوا : أنت شيخنا ، وقد ركب الزواقيل منّا ما سمعت ، فاجمع أمرنا وإلّا استذلّونا ، فقال : ما كنت لأدخل في شغب ، ولا أشاهدكم (١) على مثل هذه الحال. فاستعدّ الأبناء وأتوا الزّواقيل وهم غارّون ، فوضعوا فيهم السيف ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. فتنادى الزواقيل ولبسوا لأمة الحرب. ونشبت الحرب بينهم ، فوجّه عبد الملك رسولا يأمرهم بالكفّ. فرموه بالحجارة. وكان عبد الملك مريضا مدنفا ، وقال : واذلّاه! تستضام العرب في دورها وبلادها وتقتل. فغضب من كان أمسك عن الشرّ من الأبناء ، وتفاقم الأمر. وقام بأمر الأبناء الحسين بن عليّ بن عيسى بن ماهان ، وأصبح الزواقيل وقد جيّشوا بالرّقّة ، واجتمع الأبناء والخراسانيّة بالرافقة. وقام رجل من أهل حمص فقال : يا أهل حمص ، الهرب أهون من العطب ، والموت أهون من الذلّ ، النفير النفير قبل أن ينقطع الشمل (٢) ويعسر المهرب (٣) ، ثم قام نمر بن كلب (٤) فقال نحو ذلك ، فسار معه عامّة أهل الشام ورحلوا (٥).
وأقبل نصر بن شبت في الزّواقيل ، وهو يقول :
فرسان قيس اصبري (٦) للموت |
|
لا ترهبنّي عن لقاء الفوت(٧). |
دعي التّمنّي بعسى وليت
ثم حمل هو وأصحابه ، فقاتل قتالا شديدا ، وكثر القتل والبلاء في
__________________
(١) في الأصل «اساعدكم» ، والتصحيح من الطبري.
(٢) عند الطبري ٨ / ٤٢٦ ، «ينقطع السبيل» ، وكذلك في الكامل ٦ / ٢٥٨.
(٣) عند الطبري ٨ / ٤٢٦ «المذهب» ، والمثبت يتفق مع ابن الأثير ٦ / ٢٥٨.
(٤) عند الطبري وابن الأثير «رجل من كلب».
(٥) في الأصل «هللوا» ، والخبر في تاريخ الطبري ٨ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٢٥٨.
(٦) عند الطبري «اصمدنّ».
(٧) تاريخ الطبري ٨ / ٤٢٧.