دخل عليه مرّة ابن السّمّاك الواعظ ، فبالغ في احترامه ، فقال له ابن السّمّاك : تواضعك في شرفك أشرف من شرفك. ثم وعظه فأبكاه (١).
وقد وعظه الفضيل بن عياض حتى جعل يشهق بالبكاء. وكان هو أتى بنفسه إلى بيت الفضيل (٢).
ومن محاسنه أنّه لمّا بلغه موت ابن المبارك جلس للعزاء ، وأمر الأعيان أن يعزّوه في ابن المبارك.
قال نفطويه في تاريخه : حكى بعض أصحاب الرّشيد أنّ الرشيد كان يصلّي في اليوم مائة ركعة ، لم يتركها إلّا لعلّة. وكان يقتفي آثار جدّه أبي جعفر ، إلّا في الحرص والبخل (٣).
قال أبو معاوية الضّرير : ما ذكرت النّبي صلىاللهعليهوسلم بين يدي الرشيد إلّا قال : صلى الله على سيّدي. وحدّثته بحديثه صلىاللهعليهوسلم : وددت أنّي أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحبى ثم أقتل» (٤) ، فبكى حتى انتحب (٥).
وعن خرّزاذ القائد قال : كنت عند الرشيد ، فدخل أبو معاوية الضّرير ، وعنده رجل من وجوه قريش ، فذكر أبو معاوية حديث : «احتجّ آدم وموسى» (٦) ، فقال القرشيّ : فأين لقيه؟ فغضب الرشيد وقال : النّطع والسّيف ،
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ٢٨٤.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ٨.
(٣) قارن بتاريخ بغداد ١٤ / ٦ و ٧.
(٤) هذا الحديث جزء من حديث طويل رواه البخاري من حديث أبي هريرة في الجهاد ، باب تمنّي الشهادة ، وفي التمنّي ، باب ما جاء في تمنّي الشهادة».
ورواه مسلم في الإمارة (١٠٣ و ١٠٦ / ١٨٧٦) باب : فضل الشهادة.
وابن ماجة في الجهاد (٢٧٥٣).
وأحمد في المسند ٢ / ٢٣١ و ٤٢٤.
(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ٧.
(٦) الحديث أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٨٧ و ٣١٤.
ورواه البخاري في القدر باب : تحاجّ آدم وموسى.
ومسلم في القدر (٢٦٥٢) باب : حجاج آدم موسى.
ومالك (٢ / ٨٩٨) في القدر ، باب النهي عن القول بالقدر.