رواها أحمد بن محمد بن عليّ بن رزين الباشانيّ ، عن عليّ بن خشرم.
ورواها قتيبة ، عن وكيع (١).
وهذه هفوة من وكيع ، كادت تذهب فيها نفسه. فما له ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع ؛
وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «كفى بالمرء إثما أن يحدّث بكل ما سمع».
ولو لا أنّ الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم (٢) لتركتها ولما ذكرتها ، ولكن فيها عبرة (٢).
قال الفسويّ في تاريخه (٣) : وفي هذه السنة حدّث وكيع بمكة عن إسماعيل ، عن البهيّ ، وذكر الحديث.
__________________
= «قلت : النبيّ صلىاللهعليهوسلم سيّد البشر ، وهو بشر ، يأكل ويشرب وينام ، ويقضي حاجته ، ويمرض ويتداوى ، ويتسوّك ليطيّب فمه ، فهو في هذا كسائر المؤمنين ، فلما مات ـ بأبي هو وأمّي صلىاللهعليهوسلم ـ عمل به كما يعمل بالبشر من الغسل والتنظيف والكفن واللحد والدفن ، لكن ما زال طيّبا مطيّبا ، حيّا وميتا ، وارتخاء أصابعه المقدّسة ، وانثناؤها ، وربو بطنه ليس معنا نصّ على انتفائه ، والحيّ قد يحصل له ريح وينتفخ منه جوفه ، فلا يعدّ هذا ـ إن كان قد وقع ـ عيبا ، وإنما معنا نصّ على أنه لا يبلى ، وأنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهمالسلام ، بل ويقع هذا لبعض الشهداء رضياللهعنهم.
أمّا من روى حديث عبد الله البهيّ ليغضّ به من منصب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهذا زنديق ، بل لو روى الشخص حديث : إن النبيّ صلىاللهعليهوسلم سحر ، حاول بذلك تنقّصا كفر وتزندق ، وكذا لو روى حديث أنه سلّم من اثنتين ، وقال : ما دري كم صلّى! يقصد بقوله شينه ، فالغلوّ والإطراء منهيّ عنه ، والأدب والتوقير واجب ، فإذا اشتبه الإطراء بالتوقير توقّف العالم وتورّع ، وسأل من هو أعلم منه حتى يتبيّن له الحق ، فيقول به ، وإلّا فالسكوت واسع له ، ويكفيه التوقير المنصوص عليه في أحاديث لا تحصى ، وكذا يكفيه مجانبة الغلوّ الّذي ارتكبه النصارى في عيسى ، ما رضوا له بالنّبوّة حتى رفعوه إلى الإلهيّة وإلى الوالديّة ، وانتهكوا رتبة الرّبوبية الصمديّة ، فضلّوا وخسروا ، فإنّ إطراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم يؤدّي إلى إساءة الأدب على الربّ. نسأل الله تعالى أن يعصمنا بالتقوى ، وأن يحفظ علينا حبّنا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم كما يرضى».
(١) الكامل في الضعفاء ٥ / ١٩٨٣.
(٢) انظر تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) في ترجمة وكيع ٤٥ / ٢٦٢ وما بعدها.
(٣) المعرفة والتاريخ ١ / ١٧٥ ، ١٧٦.