كان من وجوه جند مصر ، فوثب ، بعد موت أبيه ، هو واثنا عشر رجلا بمصر ، فأخذوا من بيت المال مقدار أرزاقهم ، لم يزيدوا على ذلك ، وهربوا فلحقوا بالزّاب من نواحي قيروان. فاعتقد إبراهيم بن الأغلب على من كان في تلك الناحية من الجند وغيرهم الرئاسة. وأقبل بهدي إلى هرثمة بن أعين أمير القيروان يومئذ ويلاطفه ، ويعلمه أنّي على الطاعة ، وأنّني ما دعاني إلّا الحاجة ومطل الدّيوان لي. فاستعمله هرثمة على ناحية الزّاب ، فكفاه أمرها وضبطها.
وقدم على المغرب محمد بن مقاتل العكّي ، فأساء إلى الناس وظلم ، فقاموا عليه ، فنجده ابن الأغلب وأعاده إلى القيروان بعد أن طردوه منها (١). ثم كاتبوا الرشيد يستقيلونه من ابن مقاتل. فاستعمل عليهم ابن الأغلب لمّا رأى نهضته وحسن طاعته وانقياد أهل القيروان له (٢).
وكان فقيها ، ديّنا ، خطيبا ، شاعرا ، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة ، وسياسة ، وحسن سيرة. قلّ أن ولي إفريقية أحد مثله في العدل والسياسة (٣).
وقد طلب العلم وأخذ عن : الليث بن سعد ، وغيره (٤). وكان الليث يكرمه ، وأعطاه جارية حسناء هي أمّ ابنه زيادة الله.
وكان له بمصر أخ اسمه عبد الله ، محتشم نبيل. وأرسل أولاده إلى عند
__________________
= الكتّاب ، لابن الأبّار ـ تحقيق الدكتور صلاح الأشتر ـ طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق ١٩٦١ ـ ص ١٠٥ ـ ١٠٧ ، والاستقصاء ١ / ٦٠ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٣٤ ، والكامل في التاريخ ٦ / ١٣٩ و ١٥٥ ـ ١٥٧ و ١٦٦ و ٢٣٥ و ٣٣٢ ، والعقد الفريد ١ / ٢٧٥ ، ووفيات الأعيان ٢ / ١٩٣ ، ١٩٤ ، ونهاية الأرب ٢٤ / ١٠٠ ـ ١٠٥ ، وسير أعلام النبلاء ٩ / ١٢٨ ، ١٢٩ رقم ٤٢ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢١١ ، وفيه وفاته سنة ١٩٧ ه ـ ، والوافي بالوفيات ٥ / ٣٢٧ ـ ٣٢٩ رقم ٢٤٠٠ ، والبيان المغرب ١ / ٩٢ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ١٩٦ ، ومآثر الإنافة ١ / ٢٠١ ، و ٢٠٧ ، وكنز الدرر (الدّرة المضيّة) ٤٠ ـ ٤٣.
(١) الحلّة السيراء ١ / ٨٩ و ٩٠.
(٢) الحلّة السيراء ١ / ٩٠ و ٩٣.
(٣) الحلّة السيراء ١ / ٩٣ ، ونهاية الأرب ٢٤. ١٠٥.
(٤) الحلّة السيراء ١ / ٩٣ ، ونهاية الأرب ٢٤ / ٢١٠٥.