وقال أبو ثور : سمعته يقول : كلّ حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم فهو قولي ، وإن لم تسمعوه منّي (١).
وقال محمد بن بشر العكريّ ، وغيره : ثنا الربيع قال : كان الشّافعيّ قد جزّأ الليل ثلاثة أجزاء : ثلثه الأوّل يكتب ، والثاني يصلّي ، والثالث ينام (٢).
قلت : هذه حكاية صحيحة ، تدلّ على أنّ ليله كلّه كان عبادة. فإنّ كتابة العلم عبادة ، والنّوم لحقّ الجسد عبادة. قال عليهالسلام : «إنّ لجسدك عليك حقّا» (٣).
وقال معاذ : فأحتسب نومتي كما احتسب قومتي.
وقال أبو عوانة : ثنا الربيع : سمعت الشّافعيّ يقول : ما شبعت منذ ستّ عشرة سنة إلّا مرّة ، فأدخلت يدي فتقيّأتها. رواها ابن أبي حاتم ، فزاد بها : لأنّ الشّبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة ، ويجلب النّوم ، ويضعف عن العبادة (٤).
وعن الربيع : قال لي الشّافعيّ : عليك بالزّهد ، فإنّ الزّهد على الزّاهد
__________________
(١) آداب الشّافعيّ ٩٤ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٥٣ ، ٢٥٤.
(٢) حلية الأولياء ٩ / ١٣٥ ، مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ١٥٧ ، تاريخ دمشق ١٥ / ١١ أ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٥ ، التذكرة الحمدونية ١ / ٢٠٣.
(٣) الحديث مشهور ، أخرجه البخاري في الصوم ٢ / ٢٤٥ باب حقّ الجسم في الصوم ، من طريق الأوزاعي قال : حدّثني يحيى بن أبي كثير قال : حدّثني أبو سلمة بن عبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهما قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل»؟ فقلت : بلى يا رسول الله. قال : «فلا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ، ونم ، فإنّ لجسدك عليك حقّا ، وإن لعينك عليك حقّا ، وإنّ لزوجك عليك حقّا ، وإنّ لزورك عليك حقّا ، وإنّ بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام ، فإنّ لك بكل حسنة عشر أمثالها ، فإنّ ذلك صيام الدهر كله فشدّدت فشدّد عليّ» ، قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوّة. قال فصم صيام نبيّ الله داود عليهالسلام ولا تزد عليه». قلت : وما كان صيام نبيّ الله داود عليهالسلام؟ قال : «نصف الدهر». وكان عبد الله يقول بعد ما كبر : يا ليتني قبلت رخصة النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وأخرجه في النكاح ٦ / ١٥٢ باب لزوجك عليك حق. وفي الأدب ٧ / ١٠٣ باب حق الضيف ، وأخرجه مسلم في الصوم (١٨٢ / ١١٥٩) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرّر به أو فوّت به حقّا .. ، و (١٩٣ / ١١٥٩) ، والنسائي ٤ / ٢١١ في صوم يوم وإفطار يوم.
(٤) آداب الشّافعيّ ١٠٦ ، حلية الأولياء ٩ / ١٢٧ ، تاريخ دمشق ١٥ / ١٢ أ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٥٤ ، توالي التأسيس ٦٦.