قلت : من ولد سعيد.
قال : سعيد الشّرّ؟
قلت : نعم.
قال : أنخ.
فأنيخت الجمازة ، ثم قال : عليّ بحمّاد ، وهو عامله على مكة. فأقبل بحمّاد فقال : ويها يا حمّاد. أولّيك أمر قوم ويكون في ناحيتك مثل هذا ولا تطلعني عليه.
فرأيت حمّادا ينظر إليّ نظر الجمل الصّئول يكاد يأكلني.
ثم قال : أثر يا غلام. فأثار الجمازة ومرّوا يطردونه ، ورجعت وأنا أخزى خلق الله ، وأخوفه من حمّاد ، وانقمعت في داري.
فلمّا كان جوف اللّيل أتاني آت وقال : أجب أمير المؤمنين.
فودّعت والله وداع الميّت ، وخرجت وبناتي ينتفن شعورهنّ ويلطمن.
فأدخلت عليه ، فسلّمت ، فردّ عليّ وقال : حيّاك الله يا أبا صفوان. يا غلام ، احمل مع أبي صفوان خمسة آلاف دينار. فأخذتها وجئت إلى بناتي فصببتها بين أيديهنّ. فو الله ما تمّ سرورنا حتّى طرق الباب أن أجب أمير المؤمنين.
قلت : والله بدا له فيّ. فدخلت عليه ، فمدّ يده إلى كتاب كأنّه إصبع وقال : الق حمّادا بهذا الكتاب. فأخذته وصرت إلى بناتي فسكّنت منهنّ ، ثم أتيت حمّادا وهو جالس عند المقام ينظر إلى الفجر ، ويتوقّع خروج أمير المؤمنين ، وكان يغلّس بالفجر ، فلمّا نظر إليّ كان يأكلني ببصره. فقلت : أصلح الله الأمير ليفرغ روعك ، فقد جاءك الله بالأمر على ما تحبّ. فأخذ الكتاب منّي ، ومال إلى بعض المصابيح.
فقرأه ، ثم قال : يا أبا صفوان تدري ما فيه؟
قلت : لا والله.
قال : اقرأه.
فإذا فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا حمّاد لا تنظر إلى أبي