____________________________________
يأكل ويشرب وأهل النار في النار ليس لهم استمتاع أكل وشرب ، وهذا القول باطل بالكتاب والسّنّة وإجماع الأمة من أهل السّنّة والجماعة وسائر المبتدعة كما يدلّ عليه قوله تعالى : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) (١). وقوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) (٢). وقوله تعالى : (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) (٣). وقوله تعالى : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) (٤). وغير ذلك من الآيات والأحاديث البيّنات ، وأما ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم من أنه «سيأتي على جهنم يوم تصفّق الريح أبوابها وليس فيها أحد» (٥) ، واستدل به الجهمية وهم
__________________
(١) فاطر : ٣٧.
(٢) النساء : ٥٦.
(٣) فاطر : ٣٦.
(٤) النبأ : ٣٠.
(٥) أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه ٢ / ١٠٣ من طريق بندار ، عن أبي داود عن شعبة عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن عمرو قال : ليأتينّ على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال يعقوب : قال أبو داود : وحدّثنا علي بن سلمة ، عن ثابت قال : سألت الحسن عن هذا الحديث فأنكره. وأبو بلج واسمه يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم ـ مختلف فيه وقد استنكر له الإمام الذهبي في الميزان ٤ / ٣٨٥ هذا الأثر ، وعدّه من بلاياه.
والآثار التي استدلّ بها البعض من أجل تأكيد القول بفناء الدار كلها واهية ومردودة فأثر عمر أخرجه عبد بن حميد من طريق سليمان بن حرب ، حدّثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب ... وهذا سند ضعيف لانقطاعه ، فإن الحسن لم يسمعه من عمر ومراسيل الحسن عندهم واهية ، لأنه كان يأخذ عن كل أحد ، قال ابن سيرين : فيما نقله عنه الدارقطني في سنة ١ / ١٧١ ـ وكان عالما يأبى العالية والحسن ـ : لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا أبي العالية ، فإنهما لا يباليان عمّن أخذا عنه.
وأثر ابن مسعود «ليأتينّ على جهنم زمان ليس فيها أحد» وعن أبي هريرة مثله ، علّقهما البغوي في تفسيره ٤ / ٣٩٨ ثم قال بإثرهما : ومعناه عند أهل السّنّة ـ إن ثبت ـ أنه لا يبق فيهما أحد من أهل الإيمان ، وأما مواضع الكفّار فممتثلة أبدا.
وقد أخرج الطبري أثر ابن مسعود في تفسيره ٥ / ٤٨٤ بسند تالف لا يعبأ به ، ولا يعوّل عليه ، وأما أثر أبي هريرة فقد ذكره ابن القيّم في «حادي الأرواح» ص ٢٥٢ من رواية إسحاق بن راهويه ، حدّثنا عبيد الله بن معاذ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا شعبة ، عن يحيى بن أيوب ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : «ما أنا بالذي لا أقول : «إنه سيأتي على جهنم يوم لا يبق فيها أحد». وقرأ قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) الآية. قال عبيد الله ـ وهو شيخ إسحاق ـ كان أصحابنا يقولون : يعني به الموحدين. وسنده صحيح ولكنه كما ترى لا يدلّ على المدّعى.
وأثر أبي سعيد أورده الطبري في تفسيره ١٨ / ٤٨٢ من طريق عبد الرزاق ، عن ابن التيمي عن أبيه ، ـ