____________________________________
هو مقرّر عند أهل السّنّة والجماعة ، بل وسائر طوائف الإسلام من المعتزلة والخوارج وسائر أهل البدعة إلا طائفة من المجسّمة وجهلة من الحنابلة القائلين بالجهة تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وقد أغرب الشارح حيث قال : في قوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) (١) في ذلك إثبات صف العلو لله تعالى. انتهى. وغرابته لا تخفى إذ النزول والتنزيل تعديتهما بعلى ، والمراد بنزوله هاهنا من جهة السماء على أن الكلام في علوّ الكلام على قلب الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولا نزاع في هذا المقام ولا يلزم من ذلك علوّ المكان للملك العلّام ، وأما قوله : وكلام السّلف في إثبات صفة العلوّ كثير جدّا بعد ما ذكر بعض الآيات والأحاديث الدالّة على صفة الفوقية ، ونعت العلويّة فمسلم إلا أنه مؤوّل (٢) كله بعلو المكانة ، ثم قال : ومنه ما روي عن أبي مطيع البلخي رحمهالله أنه سأل أبا حنيفة رحمهالله عمّن قال لا أعرف ربّي في السماء هو أم في الأرض ، فقال : قد كفر لأن الله تعالى يقول : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٣). وعرشه فوق سبع سماوات.
قلت : فإن قال إنه على العرش ، ولكن لا أدري العرش في السماء ، أم في الأرض ، قال : هو كافر لأنه أنكر كونه في السماء ، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر لأن الله تعالى في أعلى علّيّين ، وهو يدعى من أعلى لا من أسفل (٤). انتهى.
__________________
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة ، ص ٩٧ : «ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء ، لأن الله عزوجل مستو على العرش الذي هو فوق السموات فلولا أن الله عزوجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش ، كما لا يحطّونها إذا دعوا إلى الأرض». ا. ه. وانظر بقية كلامه في الإبانة ، وانظر العلو للعليّ الغفّار للإمام الذهبي واجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية للإمام ابن القيّم. فالعلو عقيدة السّلف أهل السّنّة والجماعة ولا يمكن تأويله وإخراجه عن معناه الأصلي.
(١) الشعراء : ١٩٣.
(٢) قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ١١ / ٣٧٦ : «هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول قد صحّت بها النصوص ، ونقلها الخلف عن السلف ، ولم يتعرّضوا لها بردّ ولا تأويل ، بل أنكروا على من تأوّلها مع اتفاقهم على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين ، وأن الله ليس كمثله شيء ، ولا ينبغي المناظرة ولا التنازع فيها ، فإن في ذلك محاولة للردّ على الله ورسوله ، أو حوما على التكييف أو التعطيل». ا. ه.
(٣) طه : ٥.
(٤) نقل الإمام الذهبي في العلو ص ١٠٣ كلام أبي حنيفة وعزاه إلى شيخ الإسلام أبو إسماعيل