____________________________________
عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبّر عنه بالعبرية كان توراة ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره.
ورابعها : أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل ، وهذا قول طائفة من أهل الكلام والحديث (١).
وخامسها : أنه حروف وأصوات لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلّما وهذا قول الكرامية وغيرهم.
وسادسها : أن كلامه يرجع إلى ما يحدثه من علمه وإرادته القائم بذاته وهذا يقوله صاحب المعتبر (٢) ، ويميل إليه الرازي (٣) في المطالب العالية.
وسابعها : أن كلامه يتضمن معنى قائما بذاته هو ما خلقه في غيره ، وهذا قول أبي منصور الماتريدي.
وثامنها : أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات ، وهذا قول أبي المعالي ومن تبعه ...
قلت : والأظهر أن المعنى الأول حقيقة والثاني مجاز.
وتاسعها : أنه تعالى لم يزل متكلّما إذا شاء ومتى شاء ، وكيف شاء ، وهو يتكلم به بصوت يسمع وإن نوع الكلام قديم ، وإن لم يكن الصوت المعين قديما (٤).
__________________
(١) في عزو هذا القول لبعض أهل الحديث نظر ، إذ يستبعد على من اشتغل بالحديث أن يقول بها القول الذي لا أصل له في السّنّة ، كما لا أصل له في الكتاب العزيز.
(٢) اسمه الكامل. «المعتبر في الحكمة» وقد طبع في حيدرآباد سنة ١٣٧٥ ه ومؤلفه هو أبو البركات هبة الله بن ملكا الطيبي الفيلسوف ، كان يهوديّا وأسلم واختلفوا في سنة وفاته فجعلها بعضهم (٥٤٧ ه) وقال آخرون إنها (٥٦٠) أو (٥٧٠) وابن تيمية رحمهالله ينقل عن كتاب المعتبر في غير موضع في «درء تعارض العقل» ويعلّق عليه ويتعقبه. وهو مترجم في سير أعلام النبلاء ٢٠ / رقم الترجمة (٢٧٥).
(٣) ترجمة الذهبي في السير ٢١ / رقم الترجمة ٢٦١ فقال : العلّامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الأصولي المفسّر كبير الأذكياء والحكماء والمصنّفين ، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة واشتغل على أبيه ضياء الدين خطيب الريّ ، وانتشرت تواليفه في البلاد شرقا وغربا. وكان يتوقّد ذكاء وقد بدت منه في تواليفه بلايا وانحرافات عن السّنّة ، والله يعفو عنه ، فإنه توفي على طريقة حميدة والله يتولى السرائر.
(٤) من قوله افترق الناس في مسألة الكلام في الصفحة ٥١ إلى هنا مأخوذ من شرح العقيدة الطحاوية ـ