____________________________________
جميعها لا يخلقها الله تعالى فأخرجوها من عموم كل وأدخلوا كلام الله في عمومه مع أنه صفة من صفات الله به تكون الأشياء المخلوقة إذ بأمره تكون كل المخلوقات. قال الله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (١). ففرّق بين الخلق والأمر وطرد باطلهم أن تكون جميع صفاته تعالى مخلوقة كالعلم والقدرة وغيرهما فذلك صريح كفر فإن علمه شيء وقدرته شيء وحياته شيء فيدخل ذلك في عموم كل فيكون مخلوقا بعد أن لم يكن تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا وكيف يصح أن يكون متكلما بكلام يقوم بغيره ، ولو صحّ للزم أن يكون ما أحدثه من الكلام في الجمادات والحيوانات كلامه ولا يفرّق بين نطق وأنطق الله وإنما قالت الجلود (أنطقنا الله) ، ولم تقل نطق الله بل يلزم أن يكون متكلّما بكل كلام خلقه في غيره زورا كان أو كذبا ، أو كفرا أو هذيانا تعالى الله عن ذلك ، قال القونوي : وقد طرد ذلك الاتحادية فقال ابن عربي (٢) :
وكل كلام في الوجود كلامه |
|
سواء علينا نثره ونظامه (٣)!! |
وبمثل ذلك ألزم (٤) الإمام عبد العزيز المكي بشر المريسي بين يدي المأمون بعد أن تكلم معه ملتزما أن لا يخرج عن نص التنزيل وألزمه الحجة ، فقال بشر يا أمير المؤمنين ليدع مطالبتي بنص التنزيل ويناظرني بغيره ، فإن لم يدع قوله ويرجع عنه ويقر بخلق القرآن الساعة وإلا فدمي حلال.
قال عبد العزيز : تسألني أو (٥) أسألك؟ فقال بشر : أنت وطمع فيّ قال : فقلت له : يلزمك واحدة من ثلاث لا بدّ منها إما أن تقول إن الله خلق القرآن في نفسه (٦) أو خلقه
__________________
(١) الأعراف : ٥٤.
(٢) هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي الأندلسي المعرّف بابن عربي المتوفى بدمشق سنة ٦٣٨ ه مترجم في السير ٢٣ / ٣٤ وله ترجمة مطوّلة في العقد الثمين ٢ / ١٦٠ ـ ١٩٩ للفاسي.
(٣) البيت في الفتوحات المكية ٤ / ١٤١ وإنشاده فيه :
ألا كل قول في الوجود كلامه |
|
سواء علينا نثره ونظامه |
ومن قول الشارح الشيخ علي القاري : وأما استدلالهم بقوله سبحانه الله خالق كل شيء إلى هنا مأخوذ من شرح العقيدة الطحاوية ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٤) وقع في الأصل لزم وهذا تصحيف وصوابه [ألزم] كما في شرح الطحاوية ١ / ١٨٠.
(٥) في شرح الطحاوية أم بدلا من أو.
(٦) في شرح الطحاوية : وهو عندي أنا كلامه في نفسه.