____________________________________
الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١). وهذا يدل على أن الرسول أحدثه إما جبريل عليه الصلاة والسلام ، أو محمد صلىاللهعليهوسلم قيل : ذكر الرسول معرّفا لأنه مبلغ عن مرسله ، لأنه لم يقل إنه قول ملك ، أو نبي فعلم أنه بلغه عمّن أرسله به لا أنه أنشأه من جهة نفسه.
وأيضا فالرسول في إحدى الآيتين جبريل عليه الصلاة والسلام وفي الأخرى محمد صلىاللهعليهوسلم فإضافته إلى كلّ منهما تبيّن أن الإضافة للتبليغ ، إذ لو أحدثه أحدهما امتنع أن يحدثه الآخر ، وأيضا فإن الله تعالى قد كفّر من جعله قول البشر فمن جعله قول محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمعنى أنه أنشأه فقد كفر ، ولا فرق بين أن يقول إنه قول بشر أو جنّ أو ملك ، إذ الكلام كلام من قاله مبتدئا لا من قاله مبلغا أما ترى أن من سمع قائلا يقول :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل (٢)
قال : هذا شعر امرئ القيس (٣) ، وإن سمعه يقول : إنما الأعمال بالنيّات (٤) ، قال : هذا كلام الرسول ، وإن سمعه يقول : الحمد لله رب العالمين ، وقل هو الله أحد قال : هذا كلام الله.
__________________
(١) الحاقة : ٤٠ ، والتكوير : ١٨.
(٢) وتمامه :
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل وهو مطلع معلقته في ديوانه ص ٨.
(٣) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية في كندة. وهو معدود في الطبقة الأولى من شعراء الجاهليات التي اجتمع عليها أهل النقد بأنها أشعر شعراء العرب. قتل سنة ٥٤٥ م. راجع أخباره في الأغاني ٩ / ٧٧.
(٤) أخرجه البخاري ١ و ٥٤ و ٢٥٢٩ و ٣٨٩٨ ومسلم ١٩٠٧ وأبو داود ٢٢٠١ والترمذي ١٦٤٧ وابن ماجة ٢٤٢٤٧ والنسائي ١ / ٥٨ ـ ٦٠ و ٦ / ١٥٨ ـ ١٥٩ و ٧ / ١٣ ومالك في الموطأ ص ٤٠١ برواية محمد بن الحسن وأحمد ١ / ٢٥ و ٤٣ والطيالسي ص ٩ وأبو نعيم في الحلية ٨ / ٤٢ وفي أخبار أصبهان ٢ / ١١٥ و ٢٢٢ وابن مندة في الإيمان ١٧ و/ ٢٠١ والبغوي (١) كلهم من حديث عمر بن الخطاب. واتفق المسلمون على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وصحته. قال عبد الرحمن بن مهدي وغيره : ينبغي لمن صنّف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النيّة.