بين الذّهنيّين ، فوجود النّسبة مسانخ لوجود طرفيها ، فالعدم لا يمكن أن يصير رابطا ؛ إذ لا شيئيّة له ولا تميّز فيه ، فالقضايا الموجبة الّتي كلا طرفيها أو أحدهما العدم ، مثل : «شريك الباري معدوم» أو : «زيد معدوم» أو نحوهما ، لا عدم رابطا فيها ، وإلّا لزم قيام عدم بعدمين أو بوجود وعدم ، وقد اشير إلى أنّ العدم لا شيئيّة له ولا تميّز فيه إلّا بتعمّل شديد ، وكذا القضايا السّالبة ، فلا عدم رابطا فيها ، بل فيها سلب الرّبط ونفي الحمل. (١)
ولكن قد عرفت : أنّ مفاد الهيئات في الموجبات الحمليّة المشتملة على الحمل الشّائع الصّناعي بالعرض ، هو الاتّحاد والهوهويّة ، ومجرّد انطباق القضايا الخارجيّة بموضوعاتها ومحمولاتها على الخارج ، لا يستلزم وجود رابط بينهما.
والقول : بأنّ «البرهان على وجود النّسبة على النّحو العامّ للحقيقيّ والاعتباريّ ، فهو تعلّق العلم تارة بطرفي النّسبة والجهل بها ، وغير المعلوم ، غير المعلوم ، وصادقيّة : «زيد قائم» تارة ، وعدم صادقيّته اخرى ، مع العلم بوجود «زيد» ووجود «القيام» ، فيعلم ثبوت أمر في الصّورة الاولى ، منتف في الصّورة الثّانية». (٢)
ممنوع ؛ إذ العلم والجهل إنّما يتعلّقان بالهوهويّة ، كما أنّ الصّدق والكذب ـ أيضا ـ إنّما يكون باعتبار تطابق الهوهويّة مع نفس الأمر وعدمه.
والحاصل : أنّه ليس في القضايا الحمليّة الموجبة بأنحائها ـ من الهليّات البسيطة والمركّبة ، ومن باب حمل الشّيء على نفسه أو على غيره ، ومن الحمل الذّاتي ، أو العرضي ، ومن الحقيقيّة ، أو المؤوّلة ، أو غيرها ـ أمر آخر غير الموضوع
__________________
(١) راجع ، الأسفار الأربعة : ج ١ ، ص ٣٦٥ و ٣٦٦ ؛ ونهاية الحكمة : ص ٢٧ و ٢٨.
(٢) مباحث الاصول : ج ١ ، ص ٤٩.