ولكن يرد عليه : بأنّ التّمام إنّما هو في مقابل النّقص ؛ إذ التّام معناه هو الجامع لجميع الأجزاء ، والنّاقص معناه هو غير الجامع له ، فالتّمام أمر وجوديّ ، والنّقص أمر عدميّ ، وبينهما تقابل العدم والملكة ، وإنّما يطلقان في موارد الكميّات ، وعلى هذا ، كيف يمكن تفسير الصّحّة بالتّمام ، مع أنّ الصّحّة في المقام تقابل الفساد ، وهما أمران وجوديّان وبينهما تقابل التّضاد يعرضان الشّيء بلحاظ وجوده الخارجي ، لا بلحاظ المعاني والماهيّات ـ فلا يقال : المعاني الصّحيحة ، أو الفاسدة ، أو الماهيّات الصّحيحة أو الفاسدة ـ وإنّما يطلقان في موارد الكيفيّات ، فما له كيفيّة ملائمة أو يترتّب عليه أثره المطلوب المتوقّع منه يسمّى «صحيحا» ، وما له كيفيّة منافرة أو يترتّب عليه أثر غير مطلوب ممّا لا يتوقّع منه يسمّى «فاسدا».
نعم ، قد تطلق الصّحّة في مقابل المرض عند اللّغويّين ، فتكون من الكيفيّات ، وقد تطلق في مقابل العيب عندهم ، وهي بمعنى : التّماميّة ، فتكون من الكميّات ـ بناء على كون العيب هو النّقص ـ وهذا أمر آخر غير ما أراده الاصوليّون من الصّحّة.
ثمّ إنّه يظهر ـ بناء على تفسير «الصّحّة» بالتّماميّة ، و «الفساد» بالنّقص ـ أنّ إطلاق «الصّحّة» و «الفساد» على البسيط الّذي ليس له جزء ، إنّما هو باعتبار ما له من المراتب ، وإلّا يلزم أن لا يصحّ توصيف الحقائق البسيطة بالتّمام والنّقص ، لفقدان التركيب فيها ، كما أنّ إطلاقها على الماهيّات الاعتباريّة غير المتأصّلة ـ أيضا ـ باعتبار وجودها وما لها من الوحدة الاعتباريّة والهيئة الاتّصاليّة ، فكأنّها ذات مزاج ـ كالانسان ـ قد يكون معتدلا يترتّب عليه أثره المطلوب ، وقد يكون منحرفا.
وكذلك يظهر ـ بناء على المختار ، من كون الصّحّة مقابلا للفساد هو أنّ الصّحّة والفساد أمران واقعيّان لا يختلفان بحسب الاعتبار ، ولا يكونان إضافيّين.