أنّ الصّحيحي لا يجوز له التّمسّك بها لإجمال الخطاب ورجوع الشّبهة إلى المصداقيّة. (١)
وجه عدم تماميّة ذلك ، ما عرفت آنفا ، من الفرق بين باب المعاملات وباب العبادات ؛ حيث إنّ الصّحّة في المعاملات هي الصّحّة العرفيّة العقلائيّة الّتي هي أعمّ منها عند الشّارع ، وأمّا الصّحّة في العبادات فهي الشّرعيّة وبحسب نظر الشّارع ، فلا مانع من التّمسّك بالإطلاقات في باب المعاملات على قول الصّحيحي ، ولهذا كان الشّهيد قدسسره وأتباعه يتمسّكون بإطلاق أدلّة المعاملات ، مع قولهم بوضع ألفاظها للصّحيحة منها.
فتحصّل : أنّ أدلّة المعاملات لا تقضي إلّا الإمضاء والتّصويب للمعاملات بمالها من المعاني العرفيّة الارتكازيّة المعلومة في أذهانهم ، فليس لألفاظها المستعملة في الشّريعة المقدّسة مفاهيم حديثة ومعان جديدة ، وعليه ، فأدلّة الرّدع في بعض الموارد ، لا تكون راجعة إلى التّخصص والخروج الموضوعي ، بل تكون راجعة إلى التّخصيص والخروج الحكميّ ، فالبيع الرّبوي ، أو الغرري أو نحوهما يكون بيعا ، لكنّه ليس بحلال نافذ.
وقد تمسّك المحقّق العراقي قدسسره بالإطلاق المقامي ، هنا فقال : «والّذي يسهّل الخطب هو أنّه يمكن التّمسّك بالإطلاق المقامي لرفع الشّكّ على هذين النّحوين ، وتقريبه : أنّه لا ريب في أنّ الشّارع المقدّس قد حكم بلزوم الوفاء بالعقود ، والمفروض أنّه يريد بالعقود ، المعاملات الّتي يراها في الواقع نافذة ، وجامعة للخصوصيّات تقوم
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ١٩٥.