بها مصلحة النّظام العامّ ، ومع هذا كلّه ، لم يجعل طريقا خاصّا لتشخيص تلك العقود الواقعيّة ، فنستكشف من جميع ذلك ، أنّه قد وكّل أمر تشخيصها إلى نظر العرف العامّ ، فما يراه عقدا صحيحا يكون هو العقد الصّحيح في الواقع ، إلّا ما ردع الشّارع عنه ونبّه على خطاء العرف فيه ، وعند عدم الرّدع نستكشف ثوابه ووصوله إلى الواقع ، فنأخذ به». (١)
هذا التّقريب وإن كان في غاية الجودة والمتانة ، إلّا أنّه لا يخفى عليك ، أنّه لا يصل الدّور إلى الإطلاق المقامي مع وجود الإطلاق اللّفظي. هذا كلّه في المورد الأوّل.
أمّا المورد الثّاني : فالحقّ فيه ، ما ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره محصّله : أنّه لو كانت المعاملات أسام للأسباب من العقود والإيقاعات ، فللنّزاع فيها مجال ؛ بأن يقال : هل هي أسام للصّحيحة منها أو للأعمّ؟ إذ العقود حيث تكون مركّبة من أجزاء ، كالايجاب والقبول ، ومشتملة على قيود وشروط ، كصدورها من المميّز أو البالغ الرّشيد والسّلطان على التّصرف والعالم بعوضين ونحوها ، تتّصف بالصّحّة ، كما أنّها تتّصف بالفساد عند فقد بعض تلك الأجزاء والشّروط.
وأمّا لو كانت أسام للمسبّبات ، كتمليك العين بعوض ، أو مبادلة مال بمال في البيع ، وكتمليك المنفعة بعوض في الإجارة ، فلا مجال لجريان النّزاع فيها ؛ حيث إنّ أمرها دائر بين الوجود والعدم ، ففي ظرف وجود الأسباب التّامّة توجد المسبّبات ، وفي ظرف عدمها لا توجد. (٢)
__________________
(١) كتاب بدائع الافكار : ج ١ ، ص ١٤١.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٤٩.