والظّاهر أنّ أسماء المعاملات ، أسام للمسبّبات لا للأسباب ، فالبيع ـ مثلا ـ اسم للمبادلة ، أو لتمليك العين بعوض ، وأمّا العقد القولي أو الفعلي ، فهو ليس ببيع ، بل سبب له ، وكذا الإجارة وغيرها ، وهذا هو المتبادر عرفا والمنسبق إلى الأذهان عند الإطلاق وأنّه ممّا يساعده ارتكاز المتشرّعة ، فإذا قيل : باع فلان داره أو آجرها ، أو وقفها ، أو وهبها ، أو غير ذلك ، فالمتفاهم من هذه العناوين عرفا هو المسبّب ، لا العقد والسّبب.
وعلى هذا ، تعريف البيع بالإيجاب والقبول المخصوصين ، تعريف لعقد البيع وسببه ، لا لنفسه ، وإلّا فالبيع هو التّمليك أو التّبديل لا غير.
ونتيجة ما استظهرناه هو عدم جريان النّزاع في المعاملات ، كما هو واضح.
لا يقال : إنّ خروج المعاملات حينئذ عن مورد النّزاع ، ينافي مع ما قالوا في محلّه : من جريان أصالة الصّحّة عند الشّكّ في صحّة المعاملة ، وفسادها من ناحية الشّكّ في بعض ما اعتبر فيها ، حيث إنّ مقتضى جريانها فيها هو كون المعاملات قابلة للصّحّة والفساد ، كما لا يخفى.
لأنّه يقال : إنّ أصالة الصّحّة تجري في خصوص أسباب المعاملات ، لا في نفسها ، ففي عقد البيع ـ مثلا ـ الّذي هو فعل العاقد الصّادر منه باختياره تجري أصالة الصّحّة ، باعتبار أنّ المسبّب المترتّب عليه يكون من لوازم صحّة العقد وآثار تماميّته في عالم الاعتبار ، وقد عرفت : أنّ العقد والسّبب قابل للاتّصاف بالصّحّة والفساد.
وأمّا نفس البيع ، فلا تجري فيه تلك القاعدة ؛ لعدم كونه من أفعال العاقد ، بل هو من آثاره ، والقاعدة إنّما تجري في فعل المكلّف.