لكمال المباينة بين وقوع المبدا والحدث في وعاء الزّمان ، وبينه في وعاء المكان.
وأمّا الجامع العرضيّ ، كمفهوم الوعاء ، أو الظّرف أو نحوهما ؛ فلأنّه وإن كان ممكنا ثبوتا ، فلا مانع عقلا من وضع كلّ من اسمي الزّمان والمكان بإزاء هذا الجامع ، إلّا أنّه لا دليل على هذا الوضع إثباتا ، بل الدّليل على خلافه ، وهو أنّه لا يتبادر مثل عنوان الوعاء أو الظّرف وغيرهما عند إطلاق الاسمين ، ولم يوجد في المحاورات مورد استعمل اللّفظ في الجامع بين الزّمان والمكان ، وعليه ، فالعنوان المذكور ليس من معاني الاسمين ولو قيل : بكونه جامعا ذاتيّا بينهما ، أيضا.
هذا ، مضافا إلى أنّ إطلاق الظّرفيّة والوعائيّة في الزّمان ، كان بنحو من التّجوّز والادّعاء ، فكأنّه يدّعى أنّ الزّمان محيط بالزّماني ، كإحاطة المكان بالموجود المكاني ، مع أنّ الواقع ليس كذلك ؛ إذ المبرهن في محلّه أنّ الزّمان عبارة : عن مقدار الحركة والسّيلان ، فهو ممّا تتقدّر به الحركة ، كتقدّر الجسم الطّبيعي بالجسم التّعليمي.
ومنهم : المحقّق العراقي قدسسره فقال ، ما محصّله : أنّ الزّمان وإن كان حسب نظر العقل وجودات متعدّدة متعاقبة متّحدة بالسّنخ ، إلّا أنّ العرف يراه موجودا واحدا مستمرّا ، نظير الخطّ الطّويل من نقطة إلى نقطة كذائيّة ، ومنشأ هذا النّظر العرفيّ عدم تخلّل السّكون وبقاء السّير الزّماني بحاله ، فيمكن تصوّر أمر قارّ وحدانيّ يتصوّر فيه الانقضاء وإن بلغ تلك الأفراد المتعدّدة المتعاقبة ما بلغ إلى انقضاء الدّهر ، فإذا وقع القتل ـ مثلا ـ في حدّ من حدود اليوم ، وفي قطعة من قطعاته أطلق العرف عنوان «المقتل» على اليوم كلّه حتّى بعد انقضاء التّلبّس وانصرام ما كان متلبّسا من اليوم بحدث القتل ؛ وذلك ، لما يرى اليوم من البقاء والهويّة الواحدة الباقية ؛ لأجل عدم