بيان ذلك : أنّ الأصل الموضوعي العقلائي إن كان من قبيل الأصل اللّفظي وهو بناء العقلاء على عدم ملاحظة خصوصيّة حال التّلبّس عند الوضع ، فيمنع عنه ؛ إذ هذا البناء من العقلاء إمّا هو محرز العدم ، أو لا أقلّ من عدم إحرازه ، فلم يثبت حينئذ بناء منهم على إجراء هذا الأصل لإثبات الوضع وتعيين الموضوع له ؛ ولذا قال المحقّق الخراسانى قدسسره : «لا دليل على اعتبارها في تعيين الموضوع له». (١)
نعم ، يجري هذا الأصل في خصوص تعيين مراد المتكلّم وأنّه حجّة في ذلك ، ولكن هذا أمر آخر ، أجنبيّ عن المقام.
ولقد أجاد المحقّق العراقي قدسسره في ما أفاده في المقام ، حيث قال : «لا يكاد يثبت بها الوضع للأعمّ ، من جهة عدم الدّليل على اعتبار مثل هذا الأصل في مقام تعيين الأوضاع ، ولا سيرة من العقلاء ـ أيضا ـ على ذلك كي بمعونة عدم الرّدع يستكشف الإمضاء ، وإنّما القدر الّذي عليه سيرة العقلاء إنّما هو في الشّكوك المراديّة ، وأين ذلك ومقام تعيين الأوضاع! كما لا يخفى». (٢)
وأمّا إن كان الأصل المذكور من قبيل الأصل العملي وهو استصحاب عدم ملاحظة الواضع الخصوصيّة حال التّلبّس في الموضوع له حين الوضع.
ففيه : أوّلا : أنّه لا يترتّب عليه أثر شرعيّ ؛ إذ ما هو الثّابت بالاستصحاب من عدم لحاظ الخصوصيّة ، ليس حكما شرعيّا ، ولا موضوعا ذا أثر شرعيّ ـ مع أنّ المقرّر في محلّه ، هو أنّه لا بدّ في كون المستصحب من أحد هذين الأمرين ـ وما هو
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٦٨.
(٢) نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ١٣٤.