وأمّا الأصل الحكمي العملي ، فقال المحقّق الخراساني قدسسره ما هذا لفظه : «وأمّا الأصل العملي ، فيختلف في الموارد ، فأصالة البراءة في مثل «اكرم كلّ عالم» يقتضي عدم وجوب إكرام ما انقضى عنه المبدا قبل الإيجاب ، كما أنّ قضيّة الاستصحاب وجوبه لو كان الإيجاب قبل الانقضاء». (١)
توضيح كلامه قدسسره هو أنّ تشريع الحكم إن كان بعد انقضاء المبدا وزواله عن الذّات الّتي كانت متلبّسة به ، فالبراءة تقتضي عدمه ، كما إذا كان وجوب الإكرام وإيجابه في المثال ، بعد انقضاء العلم عن «زيد» مثلا فالمشتقّ إذا كان حقيقة في الأعمّ ، كان إكرام زيد واجبا وإلّا ، فلا ، وإذا شكّ كما هو المفروض فوجوب الإكرام مشكوك ، يرفع بالبراءة.
وأمّا إن كان تشريعه قبل الانقضاء ، فالاستصحاب يقتضي البقاء.
ولكنّ التّحقيق أنّ المرجع في جميع الموارد هو البراءة ، ولا مجال لجريان الاستصحاب أصلا ، سواء قيل : بجريانه في الشّبهات الحكميّة ، كما هو الحقّ ، أم قيل : بعدم جريانه فيها.
بيان ذلك : أنّ الاستصحاب الحكمي إنّما يجري إذا كان المفهوم متعيّنا من جهة السّعة والضّيق وكان الشّكّ في سعة الحكم وضيقه ، مثل ما إذا علم بحرمة مقاربة الحائض قبل انقطاع الدّم ، ولكن شكّ في حرمتها بعد انقطاعه قبل الاغتسال ، ففي هذا المورد تستصحب حرمة المقاربة إلى أن تغتسل ؛ حيث إنّه لا شكّ هنا في المفهوم ، بل الشّكّ إنّما هو في سعة الحكم وضيقه ، فيستصحب الحكم وهو الحرمة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٦٨.