وأمّا إذا لم يكن المفهوم متعيّنا وكانت الشّبهة الحكميّة ناشئة من الشّبهة المفهوميّة ، فلا يجري فيها الاستصحاب ، لا موضوعيّا ولا حكميّا.
أمّا استصحاب الموضوع ، فلعدم وجود الشّكّ في بقاء أمر حادث زمانيّ حتّى يستصحب ويحكم ببقائه ، فإذا شكّ في بقاء وجوب صلاة العصر أو وجوب الصّوم والإمساك ـ بعد استتار قرص الشّمس وقبل ذهاب حمرة المشرقيّة وزوالها عن قمّة الرّأس ـ لأجل الشّكّ في مفهوم المغرب سعة وضيقا ، لا مجال لاستصحاب الموضوع وهو جزء النّهار ؛ لعدم تحقّق الشّكّ في بقاءه ؛ بل إمّا يعلم بزواله ، وذلك فيما إذا كان المغرب بمعنى : الاستتار ؛ إذ المفروض أنّه محقّق قطعا ، وإمّا يعلم ببقائه ، وذلك فيما إذا كان المغرب بمعنى : ذهاب الحمرة ؛ إذ المفروض أنّه لم يتحقّق قطعا ، وعليه فلا موضوع ، ولا أمر خارجيّ شكّ في بقاءه حتّى يستصحب.
وأمّا استصحاب الحكم ؛ فلعدم تحقّق أركانه ؛ إذ لا بدّ في الاستصحاب من إحراز اتّحاد القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) موضوعا ومحمولا ، وإلّا لم يصدق عنوان نقض اليقين بالشّكّ ، والمفروض : أنّه لا اتّحاد بينهما في موارد الشّبهات الحكميّة المفهوميّة ، بل الموضوع باق ـ على تقدير ـ قطعا ، وغير باق ـ على تقدير آخر ـ قطعا ، ففي مورد الشّكّ في بقاء وجوب صلاة العصر ، أو وجوب الصّوم لا يجري استصحاب وجوب صلاة العصر أو الصّوم ؛ إذ ـ عرفت آنفا ـ أنّ الموضوع إمّا منتف قطعا ، بناء على أنّ المغرب بمعنى : الاستتار ، وإمّا غير منتف قطعا ، بناء على أنّ المغرب بمعنى : ذهاب الحمرة ، وعليه ، فلا يكون بقاء الموضوع محرزا ، فلا اتّحاد بين القضيّتين حتّى يستصحب.
إذا علمت ذلك ، فنقول : إنّ الشّبهة في مسألة المشتقّ مفهوميّة ، حيث يتردّد