حقيقة في الأعمّ لما كان بينها مضادّة ، بل مخالفة لتصادقها فيما انقضى عنه المبدا وتلبّس بالمبدإ الآخر». (١)
توضيحه : أن مبادي المشتقّات بما لها من المعاني المرتكزة ، متضادّة بلا شبهة ، كالسّواد والبياض والعلم والجهل ، والقيام والقعود ونحوها ، وقضيّة هذا ، تضادّ الأوصاف المشتقّة منها ، كالأسود والأبيض ونحوهما ، وقضيّة تضادّ المشتقّات هو وضعها لخصوص المتلبّس ؛ إذ المتلبّس بالسّواد أو العلم أو القيام في الحال ، مضادّ للمتلبّس بالبياض أو الجهل أو القعود في الحال ، لا الأعمّ منه وما انقضى عنه ، بل لو كان وضع المشتقّات للأعمّ لكانت متخالفة ، أمكن اجتماعها وصدقها على ذات واحدة في زمان واحد ، فيقال : هذا أسود ، وأبيض ، باعتبارين ؛ أحدهما : باعتبار حال التّلبّس ؛ ثانيهما : باعتبار حال الانقضاء ، وكذلك العالم والجاهل ، والقائم والقاعد ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، بل العرف يحكم بالتّضادّ لا التّخالف ، كما هو واضح.
نعم ، لا مانع من الاجتماع ولا يصدق التّضادّ لو كان الزّمان مختلفا ، أو لو كان إطلاق أحدهما حقيقيّا والآخر مجازيّا.
وبالجملة : أنّ ارتكاز التّضادّ بين المشتقّات بمالها من المعاني المرتكزة في الأذهان ، دليل على وضعها لخصوص المتلبّس.
وفيه : أنّ التّضاد بين المبادي أمر عقلي لا ريب فيه ، وأمّا التّضادّ بين الأوصاف المشتقّة منها ، فلا يحكم به إلّا تعيين معانيها والعلم بها من ناحية التّبادر ، بأنّ المتبادر منها هو خصوص المتلبّس لا الأعمّ ، فيقع التّضاد حينئذ بين المشتقّات.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٦٩.