ومقتضى تناسب الحكم والموضوع.
وإمّا أن تقول : إنّ الموجب لإجراء الحدّ هو مجرّد صدور الفعل وصرف التّلبّس بالمبدإ وصدق العنوان حينه ، وأمّا صدق العنوان حقيقة حين إجراء الحدّ وهو زمان الانقضاء ، فلا ملزم له. (١)
ومن هنا ظهر : أنّه لا مجال ـ أيضا ـ لما حكي عن التّفتازاني من تعدّد الوضع للمشتقّ حسب ما يعتريه من الأحوال من كونه محكوما عليه ، كالزّاني والسّارق أو كونه محكوما به ، كضارب في قولنا : «زيد ضارب» فباعتبار الأوّل ، يكون حقيقة للأعمّ ، وباعتبار الثّاني يكون حقيقة في خصوص المتلبّس.
ومنها : استدلال الإمام عليهالسلام بقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٢) على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة والخلافة تعريضا. (٣)
__________________
(١) ولعلّ هذا هو مراد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «فإنّ المفهوم من هذه الأحكام السّياسيّة ، أنّ ما صار موجبا للسّياسة هو العمل الخارجي لا صدق العنوان الانتزاعي ، فالسّارق يقطع لأجل سرقته ، وفي مثله يكون «السّارق» و «الزّاني» إشارة إلى من هو موضوع الحكم مع التّنبيه على علّته ، وهو العمل الخارجي لا العنوان الانتزاعي ، فكأنّه قال : الّذي صدر منه السّرقة تقطع يده لأجل صدورها منه» ، مناهج الوصول : ج ١ ، ص ٢١٦.
(٢) البقرة (٢) : الآية ١٢٤.
(٣) كما ورد عن أبي عبد الله عليهالسلام : «الأنبياء المرسلون على أربع طبقات ... وقد كان إبراهيم عليهالسلام نبيّا وليس بإمام حتّى قال الله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ، قالَ : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) ، فقال الله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) من عبد صنما أو وثنا ، لا يكون إماما». الاصول من الكافي ، ج ١ ، كتاب الحجّة ، باب طبقات الأنبياء ، الحديث ١ ، ص ١٧٤ و ١٧٥ ؛ وكما ورد عن الرّضا عليهالسلام : «إنّ الإمام خصّ الله بها إبراهيم الخليل بعد النّبوّة والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشار بها ذكره ، فقال عزوجل : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ، فقال الخليل : سرورا بها ومن ذرّيّتي ، قال الله عزوجل : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ،) فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصّفوة» عيون أخبار الرّضا : ج ١ ، ص ١٧١ و ١٧٢.