وبالجملة : فالطّلب على قسمين : أحدهما : يسمّى أمرا ، وثانيهما : يسمّى التماسا ودعاء.
والقسم الأوّل : ينبغي صدوره من العالي أو المستعلي ، لا أنّ كون الطّالب عاليا بحيث يكون العلوّ مأخوذا في مفهوم الأمر حتّى يكون معنى : آمرك بكذا ، أطلب منك وأنا عال. (١)
وفيه : أنّ الالتزام بكون الطّلب الأمري ممّا لا ينبغي صدوره من غير العالي المستعلي ، هو نفس الالتزام بالتّقييد في المفهوم ؛ ضرورة ، أنّ تضييق دائرة الصّدق والتّطبيق تابع لتضييق دائرة المفهوم ويكون في طوله ، كما أنّ الأمر كذلك في السّعة.
وعليه ، فصدق الأمر على الطّلب والبعث الصّادر من العالي أو المستعلي وعدم صدقه على الصّادر من الدّاني أو المساوي ، كاشف عن التّقييد وضيق دائرة مفهوم الأمر ، وإلّا فلا وجه لعدم الصّدق والتّطبيق في موردي الدّاني والمساوى ، كما هو واضح.
هذا كلّه في المقام الثّاني.
أمّا المقام الثّالث (دلالة مادّة الأمر على الإيجاب وضعا أو انصرافا).
فالتّحقيق : هو أنّ مادّة الأمر تدلّ على البعث الصّادر من العالي المستعلي على وجه الإيجاب والإلزام ، إلّا أن يكون هناك قرينة حالية أو مقاليّة دالّة على غير الإيجاب.
ويدلّ على ما قلنا : التّبادر ، كما لا يخفى ، ويؤيّده الكتاب والسّنّة.
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٧٥.